العزوف عن السياسة وأسئلة السوسيولوجيا
جريدة طنجة – م . الحراق (العزوف السياسي)
الإثنين 04 ماي 2015 – 10:07:56
في سابقة من نوعها التـأمَ البـاحث السُوسْيولوجي والسياسي تَحْتَ سَقف قُبّة مَقر مجلس جهة طنجة تطوان، جنْبًـا إلـى جَنب لمُناقشة مُعْظلة الـعُـزوف عن السياسة، و يُمْكن اعتبــار هَذه المُبـادَرة التي أقْدمَت عليْهـا جمْعية القنطرة بطنجة ظاهرة صحيّة ، سَتمكن الجميع من وضع الأصبع على إشكالية العزوف، الذي بات يؤرق المثقفين والسياسيين والمغاربة بشكل عام، من خلال طرح العديد من الأسئلة دون أن تجد الجواب، هل هو عزوف عن السياسة ، أم عزوف عن التصويت؟، هل العزوف مشكل فردي أم اجتماعي أم في الأحزاب؟، من المسؤول عن العزوف؟.
وغيرها من الأسئلة، حاول من خلالها كل من الدكتور مصطفى الشكدالي أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة عبد المالك السعدي، والدكتور مصطفى السعليتي أستاذ باحث في علم الاجتماع بجامعة القاضي عياض بمراكش من جانبها السوسيولوجي، ومن الجانب السياسي شهدت مشاركة كل من النائب البرلماني لمدينة طنجة محمد خيي عن حزب العدالة والتنمية الحزب الحاكم، وعن المعارضة الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة طنجة تطوان عبد المنعم البري، الذين حاولوا ملامية هذا الموضوع من مختلف جوانبه.
الندوة العلمية التي أدارها الكاتب الناقد إدريس الخورين بتعاون مع المهندس عضو مكتب الجمعية عبد السلام أوعادي، استهلت بكلمة ترحيبية لطارق الرامي رئيس جمعية القنطرة بطنجة، ذكر من خلالها بأهداف الجمعية التي ترتكز على بث روح المواطنة، عن طريق الانخراط في المشروع المجتمعي الذي يصبو إليه الجميع.
ثلاثة محاور أساسة تمت معالجتها خلال هذه الندوة، إشكالية العزوف عن السياسة،والوضعية الحالية ما بين السلوك السياسي والفعل السياسي، ورأي باحث العلوم الإنسانية من زاوية علم النفس، وعلم النفس الاجتماعي، فيما يخص السياسة والعزوف عن السياسة.
أجوبة الجمهور التي تتبعها الحاضرون في هذه الندوة من خلال الشريط الذي عرض عليهم، أرجعت أسباب العزوف غياب رؤيا سياسية، ومدرسة سياسة مغربية حقيقية، وغياب المصداقية، وأزمة الثقة، وغيرها، بينما ترى الأحزاب أن العزوف ظاهرة معقدة ونسبية، فالعزوف والانصراف عن السياسة هو ترك الحبل على الغارب، ذلك أن الانخراط في العمل السياسي يعتبر حق وواجب وطني، وفعل حضاري لحماية الحقوق داخل سياقات أخلاقية معينة، فهو عزوف عن ممارسات سياسية سلبية وخاطئة، ويجب التمييز ما بين العزوف السياسي والعزوف الانتخابي، ذلك أنه لايمكن استبعاد البعد السياسي في حياة الإنسان، لأنه في قلب السياسة، سواء أراد ذلك أم لم يريد، فهو يتبني موقفا سياسية، قد يكون مقاطعا أو منسحبا أو انتظاريا، فابتعاد الشباب عن السياسة يفسر بالعزوف لكنه في حقيقة الأمر أن موقفه هذا هو موقف احتجاجي من ممارسات حزبية.
أما منظور الباحث السوسيولوجي في قضية العزوف، فقد أكدت على تفشي ظاهرة العزوف عن السياسة، والسياسيين لتدني مستوى الخطاب السياسي أمام تنامي وعي الشعب المغربي، في الوقت الذي ظلت فيه الأحزاب السياسية ببلادنا تكرر نفس الخطاب، مما أفقدها مصداقيتها، وبالتالي تحاول استغباء شريحة عريضة من المواطنين، وهذا نجده في الرموز التي تستعملها الأحزاب أثناء الحملات الانتخابات للتصويت عليها بذل البرامج الحزيبة، إذلايمكن أن تكون هناك ديموقراطية في غياب الحرية والوعي، ويجب على السياسي والأحزاب السياسية أن يمارسوا النقد الذاتي ويغيروا العقلية السياسية التي لازالت تؤمن بالزعيم السياسي الذي لا يخطئ ، والابتعاد عما يسمى في علم النفس بالميكانيزمات الدفاعية، أي أن ما يقوله الزعيم صحيح وغيره خاطئ، وأيضا يجب الابتعاد عن ميكانيزمات التبرير، بالاعتراف بالخطأ وعدم التمادي فيه،والدفاع عنه، بكل الوسائل الغير مشروعة.
وخلص الباحثان في علم النفس الاجتماعي أن ما يعشه الماربة حاليا هو الدغمائية السياسية، وما سموها بالأرتدكسي السياسي، الحديث دائما بأفكار الرئيس، بدون استقلالية، وبدون احترام التعددية الفكرية، وحتي الذي يمارس المعارضة حسب الأستاذين الباحثين لا يمارسونها بشكل أخلاقي، لتبقى الأزمة أزمة البديل أو البدائل.