“الشوباني و حرمه”
جريدة طنجة – محمد العطلاتي ( أقلام )
السبت 16 ماي 2015 – 15:25:58
على امتداد التّـاريــخ الحديث لهذا البلد، أسهب “الكُتـاب الصحفيـون“، و”المُحَلّلــون”، الذين بـاتـو ألـوفـًا مـألَّفـة، في كيل المديح و الثناء لما “يتميز” به المجتمع المغربي من خصال و عادات محمودة،بعضها يتعلق بتقاليد “التضامن” و “التآزر”، و بعضها قد يُدرج في أخلاق “التسامح” و “العفو عند المقدرة“.
لكن أحدا من هؤلاء “المراقبين” لم يغامر أبدا بسبر أغوار هذا المجتمع، و كشف “ثقافته المُنافقة”، تلك الثقافة التي لا تُخفي ملامحها إلا طبقات رفيعة من المساحيق و أدوات التجميل .
سبب نزول “اللفظ المفيد” لهذا الأسبوع، ما حدث لوزيرين في الحكومة المغربية، أو بالأحرى لوزير و وزيرة، نتيجة ما أقدمها عليه من إعلان خطبتهما و استعدادهما للارتباط بعقد زواج سيتم توثيقه بشهادة عدْلين، فأين تبدو ملامح النفاق الذي يطبع سلوك المجتمع المغربي؟
لقد وضع المغرب مدونة تنظم أحكام الأسرة و حدد من خلالها ضوابط النكاح و قواعد الطلاق و التطليق، و كذا تلك الشروط و الإجراءات التي يخولُ سُلوكُها الاستفادةَ العملية من المقتضيات المنصوص عليها في آية “و انكجوا ما طاب لكم” الواردة في كتاب الله .
و دون الدخول في مواضيع أصبحت تبدو كلاسيكية، و اعتادت الأطراف، المسماة “حداثية”، إثارتها، كاعتبار التعدد امتيازا للرجل، أو اعتباره تشييئا للمرأة، فإن آخرين يرون في موضوع التعدد حلا لما يعتبرونه “مُعضلة العنوسة” الناتجة، للمفارقة، عن عزوف الشباب، و هم بذلك لا يعتبرون الزواج مؤسسة قانونية مجتمعية، بل “أداة” من أدوات “الرعاية”، أي، بمعنى أكثر وضوحا، فإن هؤلاء يعتبرون الزواج “مؤسسة”، للأعمال الاجتماعية.
و بصرف النظر عن هذه الاعتبارات و التفسيرات الغرائبية، فإن هؤلاء “المشعوذين” من دعاة التعدد لم ينتبهوا، كما يبدو، إلى كون دعوتهم تخالف المنطق، فضلا عن إمكان اعتبارها نوعا من التوزيع غير العادل “للثروة النسوية”، يخضع بحسب مفهوم المخالفة لمنطق “العرض و الطلب” الذي كشف عنه علماء الاقتصاد اللبرالي، فمنطقهم المسكون بأحلام العيش في كنف الحور العين، دفعهم دوما لاعتبار المرأة أداة للاستمتاع لا أقل و لا أكثر.
في المغرب، و رغم أحكام المدونة، فالرجل يمارس “حق” التعدد دون حاجة لسلوك المساطر المعقدة، فـ”الفاتحة” كافية لممارسة “حقوق” التثنية و التربيع، فهي الأصل و غيرها مجرد فروع، و إذا حضرت “الفاتحة” فلا داعي للاحتكام لأحكام “المدونة”.
لكن رغم ذلك، حينما سقط الوزير “الشُّباني” في غرام الوزيرة “السمية” فقد “انتفضت” ضده الجموع و استنكرت صنيعه الربوع، و لم يدخر الساسة “سلاحا فتاكا” إلا وجهو فوهاته نحو الخطيبين، و الساسة في مثل هذه الأمور لا يعدمون “المبررات” فالأمر يتعلق بـ”شخصيات عامة”، حتى إن بعضهم لم يجد مانعا ولا حرجا في وصف الشوباني بـ”مخرب البيوت”.
الأسئلة المركزية الواجب طرحها في هذه “القضية”، على الأقل من وجهة نظري، هي: ما طبيعة الخطأ الذي “اقترفه” الشوباني و خطيبته؟ و هل خالفا أحكام المدونة حتى يعاقبا بهذا الشكل؟ ألَمْ تعبر الزوجة الأولى عن موافقتها على القبول بضرة؟ اليس الشوباني قادرا على الإنفاق؟
و في المقابل، ماذا يقول “المجتمع السياسي المنافق” في حالات “التعدد” خارج احكام القرآن و أحكام المدونة؟ ألا يُعد الامرُ نفاقا عاريا ؟
قال شاعرٌ مازحٌ:
إذا احتاج الفتى لزواجِ أُخــرى .. فــــــذاك له بلا أدنى التـباسِ
و لكن الـــزواج له شــــــروطُ .. و عدلُ الزوج مَشروطٌ أساسي
لقد دفع الوزير “مهرا” غاليا في سبيل عشقه،بسبب نفاق المجتمع ،لكن رغم ذلك، نتمنى مسيرة موفقة لـ”الشوباني و حرمه”.


















