أمراض المحتكرين للمناصب والمسئوليات الانتخابية وفي الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني
جريدة طنجة – محمد سعيد الشركي اخناشر ( العادة )
الخميس 28 ماي 2015 – 17:44:52
إن هذه الأمراض لا يعرفها كثير من الناس وهي تتخبط فيهم وتنخر فيهم دون إحساس ، فهم مع الأيام وفي خضم الأهداف الغير المحدودة والغير المتوازنة مع منهاج الحياة ، وحب التملك الكبير إلى غاية طمس حقوق الغير يجعل العقل والفكر يغوص في بحر لجي من المشاكل المبهمة لا يدري أصحابها لا وجودها ولا أسبابها فمن ملاحظة كثير من الناس أنهم يعطون لأنفسهم أكثر مما يمكنها تحمله ، فالغاية عندهم أعلى ومسيطرة عن كل الأوضاع التي تحيط بهم .
من البواعث على تزكية مرض العادة حب السيطرة ، وحب الهيمنة ، وحب الامتلاك الكبير ، وحب الظهور بشكل يطمس وجود الآخرين .
وهذه العوامل نسوق أمثلتها من بعض العناصر التي تسير دون إحساس بالآخرين ، أو تستخدمهم لصالحها بالاعتماد على بعض المظاهر السياسية أو القانونية ، أو بعض التنظيمات الإدارية معتبرة ذلك أن القوانين تعطيها حق استعمال كل ذلك ناسية أنها تعيش وسط مجتمع يتكون من ملايين من البشر ، وأن هناك آخرين يتطلعون لما هم مسيطرون عليه من مسئوليات ومناصب ومهمات إدارية أو سياسية.
فمثلا لو أخذنا مؤسساتنا الإدارية لوجدنا فيها أناس منذ عُيّنـوا في مناصب ذات الفوائد المادية وهم إما لم يغيروها ، وإن غيروها انتقلوا إلى مثلها ليبقوا محافظين على امتيازاتهم ، وكأنها رتبت عليهم .
كما لو أخذنا مؤسساتنا المنتخبة سواء على الصعيد الوطني أو الجهوي أو الإقليمي لوجدنا عناصر ثابتة لم تعرف التغيير ، وإن كانت تغيرت داخل المؤسسة إلا أنها لاصقة فيها .
فالبرلمان بمجلسيه يعرف أناسًا مَكثوا فيه عُمرا مديدًا تعدى أكثر من مرتين إلى أربعة أو خمسة مرات من مراحل الانتخابات التي تجري كل خمس سنوات . فلو ضربت خمس سنوات في خمس دورات أصبح العدد 25 سنة ، وهناك ربما من هو أكثر من ذلك وأصبح مطلوبا من الوزارة المكلفة بالعلاقة مع البرلمان أن تنشر كتابا تسميه كتاب أبيض أو أسود كما تشاء تسوق فيه لائحة أعضاء البرلمان في مجلسيه مع عدد المرات التي تكرر فيها وجودهم في المجلسين .
وكذلك لائحة بالمنتخبين على كل صعيد ليعلم المواطنين المسئولين عن هذه الوضعية.
إن وجود الشخص داخل مهنة أو مكان ما لمدة طويلة لها عواقبها السلبية العقلية والنفسية والقلبية والجسدية لا يحسها ولا سقط على الأرض ، لأن الأمراض المترتبة عن هذه العادة لا يستطيع إدراكها إلا ذوي القوة التمعنية الكبيرة على أحوالهم كما فعل أحد المستشارين بالبيت الأبيض حيث قدم استقالته من هناك ، وعند ما سؤل كان جوابه :” لقد ابتعدت عن نفسي وعائلتي ” وإنه جواب مقنع وصحيح .
فـالعُلَمـــاء المهتمون بعلم النفس الإيجابي ، وبالتربية الذاتية والتنمية البشرية الشخصية يؤكدون على : ” أنك إذا أحببت عملك ، لا يمكنك البقاء لفترة طويلة في مكانك . فذلك في إمكانه القضاء على مهنتك ” وعلى صحتك ، وعلى علاقتك مع أسرتك . بل حتى مع الحياة .
فالمجال الذي يعيش فيه الإنسان أمدا طويلا كما يضيق الإنسان فيه دون إحساس ، فإن المجال بدوره يضيق به ، لأن الكون حي وله ضوابط تضبطه .
فالمكتب والكرسي والقاعة التي يجلس فيها الإنسان يقنط منها دون إحساس ، وتقنط هي منه كذلك فيترتب عن كل هذا صراع يعيشه الإنسان ودون إحساس . خصوص إذا كانت المهنة أو المنصب يطمع فيه غيره كما طمع هو فيه .
وعلى المسئولين بالمؤسسات ذات الامتيازات إدارية أو انتخابية أن يعلموا أن المجتمع المغربي مجتمع مسلم وهو إذا غلب فيه أي فرد على أمره أو مجموعة أفراد فالكل يلتجئ إلى الله عز وجل إما بالدعاء لفك الغمة ، وإما بالدعاء على مسبب الغمة.
ونحن نعلم بعض الناس يريدون أن يموتوا وهم في مناصبهم أو أماكنهم في الإدارات أو في المؤسسات المنتخبة ، ومهما كلفهم الأمر . كأن تلك المناصب لم تقام إلا لحضرتهم . والملايين الموجودة في المجتمع لا حق لها فيها .
وإلا كيف يمكن أن يشرح أي واحد مهما كانت مكانته في الدراسة والبحث ترشح شخص مرة واثنين وثلاثة وأربع وخمسة وستة مرات في دائرة واحدة ، وأمام نفس المجتمع في نفس الدائرة ، أليس الحمق أنواع إما فيه ، وإما فيمن صوتوا عليه؟.
وقد أظهرت العادات القائمة فيمن هم متشبثون بالمقاعد والأماكن ما نتج من خصومات بين السياسيين والنقابيين والمنتخبون حتى داخل البرلمان .
انظروا وتمعنوا في الصور الوارد في واجهة الصحيفتين التاليتين فهذه تعطي الدلالة القطعية على أمراض العادات ونتائجها :
– جريدة المساء عدد 2500 بتاريخ 13 أكتوبر 2014 .
– جريدة الأخبار عدد 588 بتاريخ 14 أكتوبر 2014
ولمن يرجع إليهما عليه أن يقرأ التعاليق المدرجة في الموضوع ليتبين أثر الغايات الواسعة كثيرا ، والعادات المتجدرة كيف تعمل عملها حتى ينسى الإنسان نفسه والمكان الذي يوجد فيه .
وكم قطعت محطة التلفزة الإرسال ، كما تم إيقاف جلسات البرلمان بسبب نتيجة الصراعات الناتجة عن كل ما قلناه .
فليحذر الذين لا يفكرون إلا في نسهم ، وينسون الملايين في المجتمع أن الأمر خطير وأنهم سيحاسبون عن هذا هنا أو هناك :” إن الله لا يحب كل مختال فخور ” .
يتبع