عن السّلامة الصّحيّة
جريدة طنجة – عزيز گنوني
الأربعاء 27 ماي 2015 – 10:11:40
الموضوع الذي يَسْتفز المُواطنين، في هذه الأيـّام، يخُص السلامة الصحية في مـا يتعلّق بـاستهلاك المواد الغذائية في المطاعم المصنفة و الغير مصنفة، أو محلات “الساندويتش” على اختلافها وتنوع الوجبات التي تعرضها والتي يعلم الله وحده حالتها ومدى صلاحيتها للاستهلاك ، وقدرتها الخارقة على الإهلاك.
منذُ أسابيع، نشرنا تحقيقا حول مادة صينية مُسَرْطنة، يستخدمها بعض الجَــزارين من عديمي الضمير، لإضْفـاء اللّـون الأحمر الفـاقــع على اللحوم التي يختـزنـونها لمُدة قد تقصر أو تطول، حتى ليُخيل للزَبــائن أنها جــاءت لتــوها من “الكورنة” الجمعية، التي لا تصلح لمعالجة الكلاب والقطط والحمير…. فأحرى أن توفر شروطا صحية سليمة لذبح الأنعام !..
هذه المادة إسمها “ميمي”، وهي موجودة في الأسواق، وحسب استطلاعات الصحف الوطنية، فإن ثمنها لا يتعدى 40 درهما للكيلو، يتحاشى مستعملوها من الجزارة الحديث عنها لعلمهم أن استعمالها غير قانوني بالرغم أنه مسموح بها في مصبرات بعض الأسماك !
و بالرّغْم من الضَجّـة الاعلامية التي أثـارَها هذا الخبر المُقْلِـق ، على مُسْتوى الشارع، فإن المسؤولين عن المصالح المختصة وَضَعــُوا “على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة “….ولم يروا من مصلحة، في أن يقدموا للرأي العام، تفسيرا لهذا الأمر، ولا حتى “بيان حقيقة” يؤكد أو ينفي استعمال هذه ” المادة”، أو ينفي وجودها، بالمرة، ويتهمنا، نحن الصحافيين، بالشغب والافتراء !…
متعودون !
وقبل أيام “كشفت” الصحافة الوطنية، عن وصول شُحنتين من الأسماك المُلوثـة بجـرثـومــة
“الليستيريا” الخطيرة إلى ميناء الدار البيضاء وعبرت منه إلى أمعائنا بالرغم من أن مختبر ما يسمى “وطنيا” بمكتب السلامة الصحية، كشف عن وجود التلوث بالليستيريا.
اكتشاف “الفضيحة” الليسنيرية من طرف الصحافة الوطنية، حَرّك بحْثــًا قـــال عنه اسماعيل روحي في “المساء“، إن الدرك الملكي بالدار البيضاء يباشره على مستوى المصالح المعنية بميناء هذه المدينة، من أجل معرفة تفاصيل دخول الشحنتين من الأسماك الفاسدة إلى المغرب، والدفع بها لسلسلة الاستهلاك رغم خطورتها.
ذلك أن جُرْثـومــة الليستيريا تتسبب في الشعور بــاضطراب معدي بسبب تناول أطعمة ملوثة، كما أنها تتسبب في الإجْهــاض أو الــولادة المبكرة أو في تلوث حــاد عند الجنين. وقد تــؤدي إلى الموت، خاصة عند الحوامل والمواليد الجدد وكبار السن، لضعف جهاز المناعة لديهم…..وتوجد هذه الجرثومة في المياه وأيضا في التربية.
ويسعى التحقيق الدركي إلى معرفة الشركات المستوردة، وبلد السمك الملوث، وسبب السماح بدخول الشحنتين رغم إصابتهما بهذه الجرثومة الخبيثة.
وحسب المعلومات المتسربة، فـــإن الأمر يتعلق بكميات هائلة من السمك الجاهز للقلي، تم استيرادها من الدانْمارك وشحنة أخرى من سمك السلمون المُجَمّد أيْضــًا استقدمت من فرنسا . وأنه تم الإفراج عن الشحنتين معا، بناء على وعد من الشركات المستوردة، بمعالجة السمك المصاب قبل توجيهه إلى الاستهلاك !!!! …..
و تَفجرت، مُؤخــراً، فضيحة لُحــوم حمراء، غنم وبقر، ، فاسدة ضبطت بكميات “وفيرة”، حوالي 350 كيلو، بمطعم معروف على الطريق الرابطة بين تطوان ومرتيل. ولولا “وشاية حميدة” من طرف أحدهم، من فضلاء هذا الزمن، على قلتهم، لتمكنت اللحوم الفاسدة من الوصول إلى معدنا وأمعائنا على شكل “طويجنات” أو “قضيبات” أو كفتة مشوية أو “تويشيات” أندلسية، أو”شهيوات” من تلك التي تسيل لها لعاب المسافرين، بعد رحلة عناء أو تفسح.
وتبين أن اللحوم من الذبائح السرية التي “تزخر” بها جل المدن المغربية وتعجز المصالح الجماعية والبيطرية عن مواجهتها ، معرضة بذلك صحة ملايين المغاربة لأخطار محققة، بدعوى قلة الموارد البشرية والإمكانات المادية…..بل إنه يوجد من يعتقد أن “المورو” “محصن” بالفطرة ضد “البارازيت”، وأنه إذا “نزل” على “قصعة ” “كجلمود صخر حطه السيل من عل”، و “دخل” فيها ب “العشرة”. المحمودة، ….استسلمت له أعتى الميكروبات والجراثيم وأشدها خطرا على الأنس والجن. !!…ثم إن الاعتقاد السائد هو أن “النار تطهر”، سواء تعلق الأمر بالمشوي أو المطبوخ….
المهم، أن وشاية رجل من أهل الخير، وضعت حَدًا لمَــأساة حقيقية، كانت سوف تلحـَق أدى التسمم بالعشرات من مستهلكي لحوم ذلك المطعم “الفاسد“.
وتلك واحدة من ألف…
ذلك أن أخبار التسممات النـاتجة عن تنـاوُل الأكلات الخفيفة، كثيرة الحضور في الصحافة الوطنية، لا تُستثنى منها حاضرة أو بادية، لخصوصيات هذه الأكلات من حيث سرعة تحضيرها وانخفاض ثمنها وسهولة تناولها. خاصة في زمن السرعة الذي نعيشه والذي يفرض علينا الكثير من إكراهاته التي تصعب مقاومتها.
حقيقة إن بعض مصالح السلامة الصحية تقوم ببعض “الحملات” الموسمية، لأننا بلد “الحملات” بامتياز…. ولكنها حملات محدودة النتائج، خاصة حين تكون “الكاميرا شاعلة” لتترجم جدية العمل المبذول من أجل حماية صحتنا وسلامة أبداننا وفق “الكليات” الخمس لمقاصد الشريعة !…
وما دمنا في زمن “الفضائح“، فقد كشف بعض “الفضوليين” أن بعض مربي الدواجن في المغرب وفي العالم، يستخدمون “المضادات الحيوية” لتسمين طُيــورهم، دجـاجـا أو ديكـًا رومية ، تلك التي أخدت منذ مدة قريبة، موقعا متميزا في سلسلة استهلاك اللحوم البيضاء بالمغرب. أخبار المضادات الحيوية حركت العديد من المنابر الاليكترونية للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة لما تحتمله من مخاطر حقيقية على صحة الانسان. وهوما دفع دول الاتحاد الأوروبي إلى معالجة الموضوع والبحث عن الحلول الكفيلة بتوفير الوقاية اللازمة من أخطار المضادات الحيوية.
و مَعلــوم أن المغربَ يُنْتج حوـالي نصف مليــون طن من لحوم الدواجن، والانتاج في تزايد نَظَرًا لوَفْــرة العــرض و الأثمـان المُنـاسبة ، مقـارنة مع اللحوم الحمراء التي أصبحت أثمـانهـا تُلهب جُيوب المواطنين. في غيبة عن كل أشْكـال المراقبة، والصحية خــاصة .
_____________
بقلم : عزيز كنوني
azizguennouni@hotmail.com