“الشيخ السريع”
جريدة طنجة – محمد العطلاتـي (أقـلام ثقافية)
الأربعاء 22 أبريل 2015 – 12:03:03
قبل مُدّة ، تَنــاقلت وسائط الإخبــار، بـأصنافهــا المختلفة، خبر تنظيم مظاهرة عارمة بشوارع العاصمة الـربــاط ، لكن المثير في الخبر أن المتظاهرين لم يكونوا من جنس البشر بل من فصيلة الحُمُر ، فقد تفتقت عبقرية زعيم حزب”الاستقلال” عن اسلوب كل الجِدَّة في التظاهر ضد “الحكومة“، وبدل تجنيد مُنـاضلي حزب علال للإنخراط في في هذا “الفعل النضالي“، استعان شباط بالجيش الثالث الاحتياطي، وهو جيش يتشكل من “وحدات المظليين المُبرْدَعين”.
و حتى لا يُتهم الزّعيم بسُوء مُعـاملة هــؤلاء “الضُبــَاط” فقد وفر لهم بذلات عصرية مُعزَّزة بربطات عنق من أحدث الصيحات.
و لم تكد تمض أشهر قليلة على “مظاهرة الحمير الاستقلالية” حتى انبرى وزير “حاكم”ليتصدر واجهة الأحداث “الكوميكية”، عندما أوحى لأعوانه باستخدام تقنييات”التسييق” لمعالجة مياه الأمطار التي انهمرت على “ملاعب وزارة الرياضة” دون احترام للآجال القانونية و للمواعيد الملائمة،ما شكل في حينه قوة ” قاهرة” أمام جهود الوزير “أوزين” و أجبره، في نهاية المطاف، على استعمال أدوات محرمة رياضيا للتخلص من البحيرات التي حولت ملاعب الكرة إلى “مسابح بيو”.
هكذا أبدع المغاربة،كعادتهم، و أظهروا للعالم قدرتهم الفائقة على تطوير”قِباب” تكتيكية و “كرّاطات” استراتيجية، لمعالجة “القضايا المائية المستجدة على الساحة الرياضية، أما على الساحة الأفريقية فنجاح المغاربة فاق الخيال، فلا أحد بوسعه أن يُنكر الدور البارز “للكراطة بعيدة المدى” في طرد شبح”الإيبولا” الذي كان يتربص بأرواح الشعب المغربي.
في الأيّــام القليلة الماضية شرعت الحكومة”الإسلامية“، على غير عادتها هذه المرة، في إنتاج و إخراج مسلسل جديد بعنوان “العشق الوزيري”، أدى فيه أدوار البطولة وزير مكلف بالعلاقات، مُطْلق العلاقات، و وزيرة أخرى مكلفة بالشؤون العالية، و يبدو أن الحكومة،بارك الله فيها و أطال عمرها،قد قامت بالتنزيل الفعلي و العملي لمبدأ دستوري يدعو بتكافؤ الفرص،فشرعت في تطبيقه على أعضائها قبل غيرهم من خلق الله، لتعطي الدليل على صدق نواياها الحسنة، ورأت،كما يبدو، أن هذا”التكافؤ” لن يُكتب له الفلاح ما لم يكن طرفا العلاقة على نفس الدرجة، و معنى ذلك أن يكون الإثنان من جنس الوزراء، فذاك أضمن لاستمرار العلاقة و إنجاب العيال حرصا على استمرار النسل “الوزاري” و تكثير”سواد” الأمة.
لكن أغرب الوقائع التي التي راجت قريبا في سوق الإعلام و الأخبار ما تناقله الناس عن ظهور أحد الشيوخ المتصوفة الصناديد بطنجة “العالية”،و الواقع أن “الموغرب” عُرف، على مر حقب التاريخ، بفضله في إنتاج “الشيوخ” من أهل الدين و الصلاح، بل إنه،و لغزارة إنتاجه، صار يورِّدُ بعض هؤلاء لدول المشرق حيث نزلت الرسالة، و حازوا رضى الناس و نال هؤلاء من “بركاتهم“، بل إن الجمهور اتخذ لهم أضرحة لائقة داوم الناس على زيارتها و التمسح بأعتابها.
لكن أن يظهر”شيخ متصوف” بطنجة، فالمسألة لا شك في نظر، لارتباط تاريخ المدينة “المعاصر” بضروب اللهو و اللعب دون سواها من سبل “التحلية” و ” التخلية”
غير أن “الشاب ـ الشيخ” أبى إلا أن يؤثث فضاء طنجة ببركاته و جذباته، و بين يوم “جذبة” و آخر سطع نجم هذا “العارق الصمدي” ليكشف خطايا المدينة و انغماسها ملذات الدنيا الفانية
من”بركات” هذا الشيخ و خَوارقه أنه تمكن من السفر نحو عاصمة الموغرب في مثل لمح البصر، إلا أنه لم يستعن في رحلته تلك بعربة سيارة و لا بمركبة طيارة، و قدم لمن يعنيهم الأمر الحجة الدامغة على”بطلان” الحاجة إلى قطار سريع، و أنه لا يعدو كونه نافلة من النوافل لا فريضة من الفرائض.
نسألُ الله أن يُطيلَ عُمْر هَذا “الشيخ السريع”.