بيت الصحافة يستهل احتفالية الذكرى الأولى لافتتاحه بندوة: الإعلام العربي في “زمن التغيير”
جريدة طنجة – محمد العمراني
الإثنين 13 أبريل 2015 – 11:41:14
يبت الصحافة باعتباره مشتل مشاريع مهنية تترجم مسارات الصحافة المغربية في لحظات تفوقها و أعطابها سواء ، أصبح اليوم الفضاء الأمثل لإنضاج نبتة السجال المعرفي والفكري ، المرتبط بالخصوصية المغربية في انتمائها لهوية كونية ، ما فتئت تتبدل على مدار الساعة الواحدة. مثلما صار محج المتناظرين في شتى تعابير المعرفة والثقافة المغربية والمتوسطية والعالمية ، بمواعيده المختلفة ، وهو العنوان الجديد للباحثين في مجال الإعلام الجديد ووسائطه الجماهيرية المتعددة.

لكل هاته الاعتبارات والرهانات، ولسن تقليد يستنطق حصيلة ما تأتى ، ورسم علامات المستقبل ، قرر أعضاء المكتب التنفيذي لمؤسسة بيت الصحافة الاحتفاء بهاته الذكرى من خلال تنظيم ندوة دولية حول موضوع : “الإعلام العربي في زمن التغيير”، وهي الندوة التي شكلت عتبة نقاش أولى في احتفالية مؤسسة بيت الصحافة في ذكراها الأولى، وهو الموضوع الحارق بالنسبة لرجال ونساء مهنة المتاعب، بعد ارتدادات ما اصطلح عليه بالربيع العربي، الذي انتظرناه أن يورق وعودا حالمة و أمال وردية لا متناهية، غير أن فاتورة حرائقه أضحت باهضة، في أكثر من بلد عربي، حيث تفاجئنا النشرات المسائية بحجم المآسي في الأرواح وتلاشي حضارات تاريخية، معها انتفت معالم تاريخ الأمويين في الشام، ولم يعد اليمن سعيدا، ولا حتى قانون حمو رابي يرفرف فوق دَجَلة والفرات….
السجال في موضوع مماثل احتاج لكثير خبرة من أهل المهنة والأكاديميين للإفصاح علنا بأن وسائط الاتصال الجماهيرية الجديدة سوقت للمواطن العربي سلعة مغشوشة، لكنها ملفوفة ببريق الشعارات، واستخدمت في ذلك لوبيات مالية وطائفية ومذهبية، وهنا لانحتاج إلى التدليل بالترسانة القوية التي استندت عليها مثلا قناة الجزيرة للترويج لخطاب تحريضي من قبل بعض الزعامات التي كدست ثروات مالية لا تضاهى على حساب النفخ في جمرة الثورات، وهنا نسوق مثلا عزمي بشارة ووائل قنديل وغيرها من الأسماء التي لا يهمها مشروع الوطن الحداثي في شيء.
استنادا على هذه المرجعية تطارح المتدخلون في هاته الندوة وجهات نظرهم، التي لم تكن متجانسة أو حتى متقاربة، باعتبار فهمها العميق لمعنى الثورات الشعبية المرتبطة بوسائل الإعلام، التي افتقدت بريقها أمام وسائط اجتماعية أخرى على مستوى الفضاء الأزرق، هكذا لم تعد مثلا قصاصات الأخبار تعتمد على خط تحريري محايد ومستقل يرنو نحو المسؤولية والموضوعية، وإنما تسابق الزمن لطرح بضاعتها الطرية بالاستناد إلى أخبار طائشة في المواقع الكترونية أو حتى بالجدران الشخصية و تغريدات بعض السياسيين ، الإعلام هنا لم يعد حسب الخبراء يعني نقل المعلومة والإخبار بتفاصيلها واعتماد معايير مهنية لصياغتها، وإنما البحث عن السبق و الريادة، في الإعلان عن الأحداث والوقائع، بل وحتى نقلها على المباشر بالصوت والصورة بما يخالف أخلاقيات المهنة.
وهنا نجد وزيرة الإعلام المصرية السابقة ذرية شرف الدين، التي حازت حقيبتها مباشرة من ساحة التحرير المصرية إبان انتفاضة 25 يناير 2011، تؤكد في مداخلتها خلال الندوة المقامة بيت الصحافة أن الإعلام العربي اليوم يحتاج إلى ميثاق شرف يعيد إليه عذريته المفقودة والمستباحة من قبل التيارات المذهبية و أصحاب المقاولات والشركات، واعتماد سلطة العقل وقوة الأفكار من اجل اطمئنان المواطن على حاضره ومستقبله، سلمه وأمانه قبل كسرة رغيفه اليومي.
بالمقابل وعلى النقيض من ذلك يعترف الكاتب الإعلامي السوري بشير البكر، ودون مواربة، أن كل الطرق سالكة والمشاريع ممكنة لصراع غير متكافئ ومتوازن بين خطاب رسمي وآخر تحريضي، وبالرغم من انه حاول أن يضفي كثيرا من النقاء والحيادية على جريدة العربي الجديد التي يرأس تحريرها من لندن، و يَنعتها بـالمَشْروع الــواعـِد، فـان تمـويــل هذا المولود بأموال البترودولار القطرية حال دون تحقيق كثير مطامحه لدى القارئ العربي، الذي يشتم بين سطوره رائحة جديدة مغايرة للإعلام المهني الحر والديمقراطي، الذي يقتات من نضالات الإعلاميين من أجل ترجمة الشعارات المؤلمة في المنطقة العربية والمرتبطة يوجدان الشعوب .
ولم يكن استثناء أن تحضى التجربة المغربية في زَخَمِ هَذهِ النّمـــاذج بصوت الحكمة عندما سلط خالد الناصري وزير الاتصال المغربي السابق، الضوء على نجاحات وإخفاقات الإعلام المغربي، الذي تمسك بموضوعية التعاطي مع الأحداث دون نزقية أو مجاراة الخطابات الحمراء التي احترقت معها ليس قاعات التحرير ووسائل الإعلام العربية وحسب، وإنما ساحات عربية شهيرة كانت بالأمس القريب ملاذ العشاق والمحبين والسياح والزائرين ( شارع بورقيبة بتونس، ساحة التحرير بالقاهرة، المسجد الأموي الكبير بدمشق، باب العزيزة بليبيا وغيرها كثير…).
إلى ذلك كان الحقوقي المغربي أحمد حرزني رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الأسبق، محقا حينما اعتبر أن المغرب الأقصى ظل وفيـًا لحكمة ابن رشد، وتسلح بمنطق الأشياء كما هي وليس كما حاولت الكثير من وسائل الإعلام أن تَسُوغها للعالم الغربي أولا وقبل كل شيء، وفق أجندات معروفة الغايات و الأهداف، وإذا كان المغرب استطاع أن يقدم الوصفة التي تلائمه في مجال العدالة الانتقالية والمصالحة مع الماضي، فانه على مستوى الإعلام والصحافة يحقق طفرات انتقال نوعية ستتوجها المحالة مدونة النشر والقوانين المؤطرة في القادم من الأيام.
هاته الندوة التي توافدت عليها عديد الأسماء والشخصيات الفكرية والسياسية والإعلامية، شهدت لحظات قوية في النقاش العام، أجمعت على تسجيل إخفاق بعض النماذج الإعلامية العربية، كما أفلس الربيع وخان مواعيده دون أن يزهر الفل والياسمين.
جدير بالإشارة إن ندوة الإعلام العربي في زمن التغيير تشكل المدخل الفكري الأول لسلسلة الندوات والمنتديات التي يقترحها بيت الصحافة من اجل التداول والنقاش وفق أجندة مكثفة باللقاءات والمواعيد مرتقبة في القادم من الأيام احتفاء بالذكرى الأولى لافتتاح هذا الصرح الإعلامي والثقافي من طرف صاحب الجلالة، نستعرض أهمها في الأجندة التالية:
-17 أبريل 2015
أيام التنمية المستدامة حول موضوع : الماء مورد حيوي ، بمشاركة خبراء وجامعيون وإعلاميون ومراكز ومؤسسات وجمعيات متخصصة في مجال البيئة .
24-25 أبريل 2015
لقاء حول الصحافة والسينما بتعاون مع الجمعية المغربية لنقاد السينما
1-2-3 ماي 2015
دورة تدريبية حول النوع الاجتماعي بشراكة مع مركز تطوير الإعلام في جامعة بيرزيت برام فلسطين ( تأطير ناهد طعيمة ).
3 ماي 2015
بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة
الاحتفاء بتجربة الإعلامي والحقوقي المغربي عبد الرفيع الجواهري
من خلال ديوانه الشعري الغنائي
سهرة كبرى من ريبرتوار الأغنية المغربية الأصيلة
7-8-9-10 ماي 2015
ورشة تدريبية لتكوين المكونين بتنسيق مع مركز الربيع للتدريب الإعلامي
الأسبوع الأخير لشهر ماي
استضافة اجتماع المكتب الدائم لاتحاد الكتاب والأدباء العرب
بداية يونيو 2015
اللقاء السنوي الأول مع الكتاب و الصحفيين الأتراك
كل يوم سبت من شهر يونيو
دورة الصحافي الناشئ ( تأطير نخبة من الناشئة لإعداد مشروع نشرات إذاعية ومقالات صحفية وبرامج تلفزيونية )
10 غشت 2015
اللقاء الإعلامي الأول للصحافيين المَغـاربة بــالمَهْجـر.