التّحرش الجنسي والتّسيب سمية أمغار
جريدة طنجة – سُميّة أمغـار (فضاء الأنثى)
الخميس 30 أبريل 2015 – 10:18:02
• حديثي إلى ولي الأمر
• و إلى ولي الأمن ..
و الحـال أن هذه الظروف تزداد سوءا يوما عن يوم بالرغم من التصريحات المطمئنة والواعدة التي تصدر من هذه الجهة أو تلك ، خاصة ونحن على مقربة من عمليات انتخابية وشيكة….
غير خَافٍ على أولي الأمر أن الجَو العـام في المَدينة مُقْلـق إلى حَد خَلْق شُعـور بـالرُّعب لَدى السُكـان لما يتسم به من سلوكات و مُمارسات يَطبعها العُنف والتي تَصب كُلّهـا في خـانـةِ الانْفلات الأمني بسبب تنامي الجريمة والاعتداءات المتكررة على المواطنين، وما يتولد عن ذلك من ردود فعل غاضبة لديهم، مع مرور الأيام.
والأمثلة في هذا الباب كثيرة….وأحيانا مؤلمة !…
شوارعنا تعُج كل يــوم بـأعدادِ مُتَكـاثرة من المتسولين من نوع خاص، جلهم “زحفوا” على المدينة من “طرات” أخرى، بعضهم يتقصد الفتيات والنساء يتبعونهم على مسافات طويلة ، خاصة في شارع المكسيك وشارع باستور وشارع محمد الخامس إلى ساحة الـرُودانـي ، يلحون عليهم في طلب الصدقة، إلحاحا في طَيّهِ نَـوْع من تهـديـد !…
ومنهم من يتحلقون على مقربة من صناديـق السَحب البنكية، في أهم شوارع المدينة، يترصدون فتاة أو سيدة توقفت لإجراء عملية بنكية، حتى إذا أنهت إجراء سحب النقود، هرعوا إليها يصرخون في وجهها ملحين على الحصول منها على بعض المال، كما حدث لكاتبة صحافية بطنجة، حينما هاجمها متسكع من هذا الرهط بجانب مخدع بنكي بشارع محمد الخامس وهو يصرخ في وجهها متهددا ومرهبا : “أعطيني الفلوس، بي الجوع ” .
ومنهم من يقلقون راحة زبائن المقاهي المركزية، بإلحاحهم على الصدقة، حتى إذا ما نهرهم أحدهم،انفجروا في وجهه وأشبعوه سبا وشتما، بل وتوعدوه ب “تخسير صفحة وجهه” متى غادر المكان. يددث هذا يوميا ، بدءا من مقهى باريس ومقهى فرنسا ومرورا بمقاهي البوليفار إلى نهاية هذا الشارع المركزي الذي تضعف فبه الإنارة العمومية بالتدريج انطلاقا من البريد المركزي وإلى ساحة النجمة أو كما كانت تسمى في السابق.
نماذج أخرة من المزعجين المهددين لراحة المواطنين، تتمثل في جحافل حقيقية من الأطفال والأولاد والشبان، تغزو وسط المدينة عند كل مساء انطلاقا من الأحياء الهامشية أو “المهمشة” كما يحلو لسكانها أن يصفوها. “زوار الليل” هؤلاء “يفدون” على المدينة جماعات، إما راجلين أو راكبين دراجات هوائية مهترئة، أو متزلقين على لوحات بعجلات “الباتينيت“، ويتصرفون على شاكلة “الهنود الحمر” حيث يطلقون صيحات مستفزة عند مرورهم أمام المقاهي المركزية أو بالشوارع المزدحمة، يخلقون جوا من الرعب بين السكان ويتسببون في اضطراب السير بهذه الشوارع.
وحين “يترجلون” من مركباتهم، يبادرون إلى الظهور بين المتسوقين او بين رواد “الباسيو” المسائي الذي كان ذات زمان متعة لأهل المدينة وزوارها، وهم يطبقون على أنوفهن كيسا صغيرا من البلاستيك محشو بمادة السليسيوم أو يغطون أنوفهم بخرقة مبللة بثاني أكسيد الكربون حصلوا عليه بحشو تلك الخرق في الأنبوب العادم للحافلات بوجه خاص بعد أن يترصدوا توقيت دوراتها في خط معين !…، شأنهم في ذلك شأن من يطلق عليهم إسم “الحراكة” ، وهم قوم وفدوا على طنجة من مختلف مدن وبوادي جغرافية المغرب، يتجمعون في الساحات العمومية وبأبواب الفنادق الكبرى يتصيدون الحافلات السياحية بهدف التسلل إلى الضفة الشمالية، بداخلها أو تحتها أو حتى داخل صندوق محركها أو محركات العبارات البحرية، وهذا ما حصل فعلا ونقلته صحف مغربية وأوروبية !
ظاهرو أخرى تتعدى كل ما سبق خطورة وترويعا ، هي ظاهرة “المعتوهين” المتجولين بين أزقة المدينة وفي شوارعها الرئيسية، كل حسب نوع “الجذبة” التي تعتريه، ولكنهم يتحدون، جميعهم في “الشعكوكة” واللباس الوسخ والروائح الكريهة التي ينثرونها عند مرورهم، ولهجة الاستفزاز والتهديد التي تخرج من أفواههم، وهم يعمدون إلى الاستيلاء على كؤوس رواد المقاهي، عُنْوَة، ويشربوا ما بها، شايا أو قهوة أوحليبا أو مشروبا غازيا، أو عصيرا، والويل كل الويل لمن تأفف أو اعترض ! …
بل إن منهم من اعتدوا بالصفع والضرب على بعض المارة إما بسبب تعليقهم على حالة “مجنون طليق” أو بسبب استنكارهم لهذا الوضع، بصوت مسموع.
مسلسل “الإزعاج” بالمجال الاجتماعي لمدينة طنجة لا يتوقف عند هذا الحد. بل إن للمهاجرين السريين من أفارقة ، جنوب الصحراء دورا “بارزا” فيه إذ لا يخلو زقاق أو شارع أو ساحة عمومية منهم، متسولين أو باعة متجولين أو ممارسين لأمور أخرى لا تشرفهم ولا تسعدنا أو تريحنا !
بل إن أعدادهم تتكاثر في الأسواق الشعبية، الدرادب والمحج الكبير نموذجا، وأيضا بالمقابر حيث يتظاهرون بقراءة سورة يس بتحريك شفاههم إلى جانب “الطالب”، ليأخذوا نصيبهم من صدقة أهل أصحاب القبور !….
قصة طنجة مع هذا النوع من المهاجرين قد تفجر أزمة حقيقية مع المنظمات الحقوقية الأوروبية، إذا لم تعالج بالجد والحزم الضروريين لكي يتم القطع مع الممارسات المشينة لبعض هؤلاء المهاجرين داخل بعض التجمعات السكنية الكبرى بالمدينة، العرفان نموذجا.
وسواء تعلق الأمر بالحَراكة أو المُتسولين أو بـ “زوار الليل” من المراهقين والمغامرين والعابثين، فإن النِّساء والفَتيات هن من يدفعن ثمن “التسيب ” و “الانفلات الأمني”، الذي تشهده شوارعنا يوميا، من ساحة الكويت إلى ساحة النجمة، مرورا بشارع المكسيك وشارع بلجيكا والبوليفار والشوارع المتفرعة عنها ، حيث يقعن ضحايا تحرشات جنسية تخطت “اللفظ الرذيئ” إلى “افعل العنيف” ، والأمثلة كثيرة في هذا الباب أيضا.
فتاة تقطع شارعا تجاريا كبيرا. تتبعها جماعة من المشاغبين المتسكعين، والشارع يعج بالمارة والمتسوقين . تقدم منها أحد أفراد الجماعة ، يأخذ الفتاة من شعرها وهي في حالة ذهول ويحاول تقبيلها على شفتيها ، فتصارع وتستغيث، وأفراد العصابة يضحكون تسلية ونشاطا، وتنجح الفتاة من الإفلات وتهرب في اتجاه حي المصلى بينما يتلقى “المهاجم” تهانئ “زملائه” في هذا الاعتداء الغاشم……
فتاة أو سيدة أخرى، تقطع الشارع العام يتبعها متسكع ويجمع مؤخرتها بكلتا يديه و”يعصرها” وسط ضحك جماعة من رفاقه، حتى إذا اتضح لهم أن المرأة قوية وتستطيع مجابهتهم، أطلقوا سيقانهم للريح…..ليكرروا العملية غدا أو بعد غد وتكون الضحية أنثى بدون حماية !…
فَتـاة أو سَيّدة ثـالثـة ، يَستوقفُهـا ثلاثـة مُتسكّعين في الشَارع العـام بيْنَ السابعـة و الثـامنة مسـاء ، يتـرْكون الانْطِبــاع بـأنّهُم من معارفها ، يحاول أحد أفراد العصابة سرقة “صاكها” وهو “يداعب شعرها وكأن بينهما معرفة أو رابط. ولم تستطع الفتاة الصراخ لأن المهاجم وضع سكينا، أو ما تصورته كذلك، على خصرها. وحين كادت أن تنجح في الإفلات من قبضتهم، شدها أحدهم بعنف وطبع على شفتيها “قبلة الذئب إذا الذئب على الشاة جثم” (شوقي، مجنون ليلى)، كل ذلك وسط قهقهات رفاق المتحرش المعتدي المتهجم.
نعم، قد يوجد من يقول: لا توجد لدينا شكاية في هذا الموضوع. تلك حُجة وزير العدل كلما ووجه بسؤال حول مواجهات القوة العمومية لمُظاهرات سلمية من طرَفِ مُواطنين مسالمين. بيد أن تلك المُواجهات غَالبـًا ما تكون مُوثّقَة بـالصَوْت و الصُــورَة.
و كُلنــا يعْلَم الأسْبـابَ الحقيقية التي تدفع ضحايا التحرش والاعتداء والاغتصاب التي تتعرض لها الإناث”، والتي تتناقلها باستمرار وسائل الاعلات، إلى عدم التبليغ وهي أسباب ترتبط بتقاليد اجتماعية وبموروثات ثقافية ليس من السهل القفز عليها.
وحبذا لو أنشأنا جهازا أمنيا موازيا لجهاز “حذر“، يكلف بمواجه تسيب المتحرشين بالأنثى بلا وازع ولا رادع، المنتهكين لحرمة الأنثى وحميميتها في بلاد تسعى لكي تتبوأ المرأة مكانتها فيها على مستوى القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي من أجل بناء دولة الحق والقانون التي تتساوى فيها المرأة والرجل في الحقوق والواجبات…
فهل نَحِنُ نَحلم بـالذي يـأتي ولا يـأتـي….
أم إنّهـَا أحْلام اليَقظَة !!!!..