PODEMOS!
جريدة طنجة – عزيز كنوني
الخميس 26 مارس 2015 – 09:20:55
ُمُبـادرة الـوزيـر حَصّــاد التي تلقفها رئيس الحكومة بمُنْتهى الرِضى و القُبــول، أدْخَلت السّعــادة والسُرور على العشرات من رجالِ الُسلطة الذين قَذفت بهم “إكراهات السلطة” إلى “كــاراج” الداخلية، في انتِظـــار “الفَرَجْ” الــذي قدْ يــأتي و قـد لا يـأتـــي ، “سويرتي مولانا” …. تقضي بتقديم تعويض عن السكن لهؤلاء الموظفين “الممتازين”، بمفعول رجعي…نعم، بمفعول رجعي يبـدأ مع بداية حكومة بنكيران الذي أراد أن يعطي لـشعار”العدالة” التي يحملها حزبه مدلولا عمليا، بل و “ماليا” أيضا، لفائدة رجال الداخلية الذين سيتولون “مراقبة” العمليات الانتخابية المقبلة.
المسألة تخطت حاجز المبادرة “الطيبة” لتتحول إلى مشروع مرسوم يضخ في جيوب بعض الولاة “تعويضات” خام، عن السكن، قد تصل إلى 110 مليون سنتيم ، وتعويضات خام أيضا، للعمال بحوالي 80 مليون سنتيم… ولا شك أن المستفيدين “فركوا أيديهم” فرحا بـ “رزق ساقه الله” ، رزفا واسعا حلالا طيبا، مريئا، دارا سائغة، فاضلا مفضلا، صبا صبا، من غير كد ولا نكد، ولا منة من أحد !!! ..
وحين “نبش” بعض الصحافيين الفضوليين في ملف “المثستفيدين، وَجدُوا أنّ من بيْنهمْ، بل وعلى رأسهم، حيتـان كبيرة تتصدر قــائمة المسؤولين بــأم الــــوزارات . ولم لا؟ فـ “الصدقة في المقربين أولى !… وأجرها أعظم وأعلى …..ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم !….
ولكن الفرحة لم تَــدُم طويـــلاً….فقد حركت تصريحات بنكريان، المؤيدة لهذه “الهدية الغير مبررة بالمرة” جدلا واسعا قاده الإعلام الوطني وتبناه الرأي العام الوطني الذي تفاعل سلبا مع التعويضات التي أراد حصاد ورئيسه “الإنعام” بها على رجال السلطة الذين يوجدون في حالة ” إسبات” واستكنان طويل الأمد، بكاراج الداخلية إلى حين…..
تعويضات رجال السلطة حركت المعارضة ضد رئيس الحكومة كما حركت تيارات النقد داخل العدالة والتنمية نفسها، حيث اعتبر البرلماني المشاغب في حزب رئيس الحكومة أن تعويضات حصاد لرجال وزارته، ” تعويضات عن سكن هامان وقارون “
لمعلوماتكم، فإن تعويضات الوالي ا تصل إلى 32.260 درهما تضاف إلى راتبه الشهري وتعويضات العامل : 26.460 درهما تصرف بنفس الطريقة، والباشا “الممتاز” : 15.000 درهم، والباشا “العادي” : 12.740 جرهما، والقائد الممتاز : 9.000 درهم إلى آخر القائمة !.
أما المعارضة فلم تتأخر في اعتبار تلك التعويضات “خيالية” في زمن التقشف الذي فرضته على المغرب ظروفه الاقتصادية الداخلية وانعكاسات الأزمة العالمية على اقتصادياته، وفي ظل الاقتراض الوطني لسد ثقب الميزانية الهشة حيث بلغت مديونية المغرب الخارجية عند نهاية شهر شتنبر من السنة الماضية 266.9 مليار درهم ، بارتفاع بلغت نسبتة 13,7 بالمائة مقارنة مع نفس الشهر من السنة التي قبلها.
وفيما يواجه الشعب المغربي، على مضض، قـــرارات الزيادات البنكيرانية في المواد الأساس لاستمرار الحياة البشرية في هذه “الطيرة” من بلاد الله الواسعة، ويعيش في غالبيته ظروفا صعبة، لا فرق في ذلك بين الطبقة المتوسطة والطبقات الموجودة تحت حافة الفقر، أمام حالات “البذخ” التي يشاهدها، يوميا، ويكون أبطالها ممن نعرف، وبينما لا يزال عشرات الآلاف من العاطلين المؤهلين، ومنهم المجازون و “المتدكترون ” ينتظرون عملا يقيهم الفقر والحاجة والسؤال، يطلع علينا حصاد وبنكيران بمشروع تعويضات تصل حد الجنون، لموظفين يتقاضون رواتب عليا دون مقابل مادي، عن عمل محدد، ومعروف، الأمر الذي استنفر كل ذوي غيرة على هذا البلد الذي تترك حكومته لدى الشعب انطباعا بأنه يتصرف في “مال سايب” و “المال السايب يعلم السرقة “كما يقول المثل المغربي الأبليغ. المال مال هذا الشعب الفقير المعوز الذي تموت حوامله في ثوابت بين جبال الثلوج وتلد حوامله في مراحيض المستوصفات وعلى الرصيف وفي أحسن الأحوال داخل سيارات الأجرة، ويطرد مرضاه من المستشفيات بدعوى عدم توفر وسائل العلاج، ويحشر أبنائه في حجر دراسية تكاد تتفجر من فرط الاكتظاظ ، ويموت بعض شيوخه في صمت داخل أكواخ أو “تشابولات” من ورق وقصدير لا ينتبه إليهم حتى تنبعث من المكان روائح الموت أو تأكل الفئران بعض أطرافهم…….
لهذا تحالف الأعلام الحر مع السياسيين للتشهير بهذا المشروع الـجـائـر ، المُتهَـور، والتنديد به على صفحات الجرائد الرصينة التي يتهمها بنكيران بالتشويش، والمواقع الاليكترونية الجادة، التي يبلغ مدى تعاملها مع الخبر الوطني حدود الشمس، حتى صارت أخبار تعويضات رجال السلطة، حديث المجامع في كل مكان، بل ومصدر تنكيت على الحكومة لأن “الهم إذا كثر أضحك ” على قول المثل !
وفي الثالث من مارس الجاري أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، خلال ندوته الصحافية الاسوعية، أن رئيس ، قرر إعـادة النّظَـر في مَشْرُوع المــرسوم المتعلق بتحديد التعويضات والمنافع المخولة لرجال السلطة. وقال الخلفي في رده على سؤال حول الجدل الذي أثير مؤخرا بخصوص مشروع هذا المرسوم، إنه “وتفاعلا مع النقاش الذي شهده الرأي العام الوطني بخصوص هذا المرسوم، اتفق رئيس الحكومة مع وزير الداخلية على إعادة النظر فيه”.
وسبق لابن كيران أن أكد في لقاء حزبي مؤخرا بتطوان، أن الأمر يتعلق بمشروع مرسوم تعويضات لا يهم سوى 6 بالمائة من رجال السلطة وأنه مازال لم يعرض على مجلس الحكومة للمصادقة عليه.
خاتمة:
عُدول رئيس الحكومة و وزيره في الداخلية عن “إهْدار” الملايين من مال الشعب، في تعويضات لا هي مستحقة ولا هي ضرورية لإنقاذ حيوات في خطر الدمار والفناء، جاء تحت ضغط الرأي العام الوطني الذي اعتبر المشروع ظالما ومجحفا بحق الشعب في حماية المال العام، كما جاء استجابة “لإرادة التغيير” التي تظافرت جهود الإعلام الوطني المسؤول والغيورين على مَصالح الشعب من رجال السياسة والفكر والحُقــــوق وأثبتت أننا “نستطيع” أن نغير مأأوازين القوى حين نقرر ونقول مع المجموعة الاسبانية التي فرضت وجُودها على الخارطة السياسة الاسبانية المُعَقّـــدة : PODEMOS !!!
_____________
بقلم : عزيز كنوني
azizguennouni@hotmail.com