العُنْف ، قَدَر المَرْأة المَغربيّـة و مَشْرُوع القـانون فـي الرُّفـوف !
جريدة طنجة – سمية أمغـار
الجمعة 27 مارس 2015 – 10:03:23
مُسلسل الاعتداءات على المرأة بالضرب والجرح باليد المسلحة إضافة إلى العنف اللفظي والجسدي ومختلف أنواع الإهانات الأخرى، لا تعني شيئا بالنسبة للحكومة التي عمد رئيسها إلى نوع من “الحفظ” لمشروع قانون مناهضة العُنْف ضدَّ النِّسـاء، أعدتـه و زيرتـه فـي شؤون الأسرة ..إلى آخره، لاعتبارات، قيل إنها تنطلق من اقتناعات ثقافية ترتبط بالخلفية المعلومة التي لا تعتبر العنف الأسري عنفا بالمعنى الجنائي لأن المرأة “تُضرب” شرعا…وبالنص !!!
برافو !…..
حتَّـى أن نساء من “قبيلة” بنكيران، ثرن على الوضع، في يوم عيد المرأة، وأعربن عن “غضبهن” ضد الفقيه الأمين، ورفعن أصواتهن منددات من داخل حصن “البيجيدي” بالتأخير الحاصل في تنزيل مقتضيات الدستور التي تخص المرأة.
ومن بين مطالب نساء “منتدى الزهراء” ــ وهو الدرع النسائي لحزب العدالة والتنمية ــ الإسراع في إخراج المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة وقانون مناهضة العنف ضد النساء “وفق مقاربة تشاركيةوشمولية تحمي المرأة وتعزز التماسك الأسري داخل المجتمع”.
كما شددت نشاء بنكيران على ضرورة تقوية ضمانات الحماية الجنائية في المشروع المرتقب لتعديل المنظومة الجنائية بما يكفل الكرامة والإنصاف للمرأة وفق مقتضيات الدستور المتعلقة بتوفير الحماية الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية للأسرة والطفولة.
ولعل نساء “الزهراء” انتبهن، في النهاية إلى غياب سياسة حقيقية تخص المرأة في التزامات الحكومة وبرامجها وأن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد كلام ووعود، من باب …”جهود الحكومة للنهوض بحقوق وأوضاع النساء، وإصلاح العدالة وتحسين ولوج المرأة للخدمات القضائية وإحالة مشروع إحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز على مسطرة المصادقة ، وقانون محاربة الصور النمطية للمرأة في وسائل الإعلام.”…نوايا وطموحات معلنة… وحتى مشاريع الدعم المباشر للفقراء والأرامل، صيغت بما يجعل الاستفادة منها من رابع المستحيلات لاستحالة إيجاد آليات التنفيذ العادل والنزيه ، والمغاربة “يعرفون خروب بلادهم ” !!!…..
ومع كل تلك “النوايــا الحَسنة” التي لا يمكن إلا أن نثمنها ، بحسن نية، أملا في أن يحصل تحقيقها في يوم، في شهر، في سنة (!)……فإننا لا نملك إلا أن نثور لكثرة الاعتداءات التي تتعرض لهن نساء المغرب في البيت والشارع وأماكن العمل، في تحد سافر للقانون ورجال القانون وللمجتمع ككل !
وكم آلمتني صورة تلك الفتاة المراكشية التي تعرضت لضربات شفرة حلاقة من طرف زوجها، ياحسرة ، على قارعة الطريق وأمام العديد من المارة، والعالم يحتفل بعيد المرأة، حيث “خسر” لها وجهها الطفولي النضر، ما استوجب أزيد من ثلاثين غرزة لرتق الجرح الغائر على الخد الأيمن، بينما اضطر الاطباء إلى إجراء عملية جراحية معقدة على الخد الأيسر ….
لماذا كل هذه الضراوة والشراسة ؟
خِلافــات أسريـة تَحـدُث، و كانَ يُمْكن حَلّهـا حَضاريـًا لو تـوفـرت عنْدَ بَعْـض “ذكــور” المغرب ولا أقـول رجـالـه ، لأن الرّجـولـةَ نُبل وكَرَم وشَهــامـة و أخلاق !!!….. دعوى نفقة بسبب تخلي الزوج عن مسؤولياته بل وإقدامه على الزواج من أخرى والأولى لا تزال في عصمته ودون موافقتها، ــ كما تقتضي المدونة ــ ولكن الزوج فضل حل مشكل النفقة عبر تشويه صورة الزوجة التعيسة الحظ !
زوجات أخريات في مراكش وفي غيرها من المدن، تعرضن ، ويتعرضن كل يوم، للتعنيف المفضي إلى الضرب والجرح المبرح ، دون شفقة أو رحمة، من طرف “أزواج” مرضى نفسانيا، يفرغون كبتهم وضعفهم في زوجاتهم، والحال أنهم لا يملكون الجرأة لمقايسة قوتهم البدنية بقوة ذكور من أمثالهم….. نوع من الجبن والوهل ! ….
فكيْفَ سَتكيف جَرائــم هـؤلاء الأزواج ؟ هل هي جنح الضرب والجرح بواسطة سلاح ، تلك التي تحدث كل يوم بين الناس في الأسواق والمقاهي والحمامات وحتى في المساجد، وعلى قارعة الطريق، ما دام أن حضارتنا حضارة عنف وضرب و “تشرميل” وما دمنا لا نعرف معنى للحوار ولا للتفاهم بالتي هي أحسن،…أم إن اعتداء زوج “مسلح” على زوجته العزلاء المسالمة العاجزة عن المقاومة فأحرى الرد بالمثل، يمكن اعتبارها جريمة من نوع خاص وفق قانون خاص يجرم العنف ضد النساء…..
إنّنــا نفهَمُ أن هذا الأمر لا يخص القضاء، بل المشرع الذي يجب عليه أن يسن قانونا يجرم العنف ضد النساء والزوجات بوصف خاص ويحدد عقوبات زجرية رادعة إذ ليس من المنطق ـ والقانون منطق ـ أن تتساوى عقوبة جريمة الاعتداء بالسلاح ــ سكين أو شفرة حلاقة أو غيرها ــ على زوجة أو امرأة مع جرائم الضرب والجرح ضد ضحايا من جنس الذكور !!! …..
ومع أنَّ العَديدَ من المُنظّمـات الحُقـوقية والمُنظّمــات النّسـائية المَغْربيّـة مـا فَتِئَت تُطـالب بتجريم العنف ضد النساء والزوجات بوصف خاص، ومع أن مطالب هذه المنظمات وجدت لها صدى في تقارير حقوقية دولية تضمنت إشارات واضحة إلى استمرار العنف والتمييز ضد المرأة المغربية وإلى أمكانية الإفلات من العقاب بالنسبة لمرتكبي تلك الجرائم ‘ فإن القانون المغربي المتعلق بمناهضة العنف ضد النساء لا زال يتأرجح بين دواليب وزارة الحقاوي ورئاسة الحكومة والأمانة العامة قبل أن توضع للنقاش داخل لجان البرلمان لتصير مادة للمزايدات السياسية بين فرق كانت موالية قد تصبح معارضة وأخري كانت معارضة قد تصبح موالية، وقد يطول النقاش لدواعي انتخابية خلال هذه الولاية المنتهية أو الولايات القادمة..
هذا إذا لم يتدخل الزمزمي والريسوني والفيزا زي والمغراوي وأبو النعيم، نفعنا الله بعلمهم أجمعين ! …