تشخشيخة ادريس لشكر
جريدة طنجة – عزيز كنوني
السبت 07 مارس 2015 – 12:46:10
ادريس لشكر الذي يواجه مَشاكل داخلية حقيقية منذُ استيلائه ــ ديمقراطيا ــ على قيادة الحزب، في الظروف التي تعلمون والتي لا بد وأن تكون لها انعكاسات سلبية على مسار الاتحاد، بالرغم من محاولة «الزعيم» التقليل من أهمية تلك الخطوة حين يشبه الحزب بقطار ينزل منه عدد قليل من الركاب ليصعد إليه الآلاف بدلهم، (!) …… في هذه الظروف الصعبة، يفتعل «الزعيم» أزمة مجانية مع غير الاتحاد الاشتراكي من الأحزاب، حين يشبههم بأحزاب «التشخشيخ ، وللا ومالي» !.
عبارة «التشخشيخ» استوقفت أكثر من ملاحظ، خاصة و «الزعيم» كان يخطب في مؤتمر إقليمي لحزبه «العتيد» الذي ترقى إلى الصف الخامس في الانتخابات الأخيرة، بعد أن حصل على39 مقعدا وراء العدالة والتنمية (107) والاستقلال (60) والتجمع (52) والأصالة (47).
ولكن، ما الغرض من هذا الهجوم المجاني على ما أسماها «الأحزاب الأخرى» حين عمد إلى مقارنة «نساء حزبه» مع نساء تلك الأحزاب؟ أحزاب «التشخشيخ وللا ومالي» الجواب عند ادريس لشكر، لا محالة!
ولكن الذين حضروا المؤتمر الإقليمي الاتحادي بتزنيت ، أو الذين تتبعوا خطاب «الزعيم» عبر الفيديوهات المتداولة بقوة في المواقع الاليكترونية الوطنية، تشكل لديهم انطباع بأن الرجل كان يقصد جهة ما وشخصا ما، في مقارنة تفضيلية بين امرأة من حزبه وأخرى من حزب منافس، تقدم عليه بثلاثة عشر مقعدا برلمانيا سنة 2011 !.
وبالتالي، فعبارة «التشخشيخ» و «للا ومالي» التي صدرت عنه في حق «الأحزاب الأخرى» دون أن يسميها ولكنه «عمم التشخشيخ عليها»، لم تكن من قبيل الصدفة ولا كانت هفوة أو فلتة أو زلة لسان!.. العبارة المعابة جاءت في سياق كلام «موزون ومقفى» حيث إن الرجل طلب من محتضنيه أن يميزوا بين حزبهم وبين «الأحزاب الأخرى ديال التشخشيخ و للا ومالي» ورافق هذه العبارة بإيماءة من يديه إلى الدق على البندير……ولم يصعب على أحد من الحاضرين أو المشاهدين عن بعد، أن يدركوا الغاية الخفية الواضحة من العبارة وإيماءة اليدين أن المقصودة بالمقارنة بين امرأة الاتحاد ونساء «التشخشيخ وللا ومالي»، هي النائبة البرلمانية الفنانة فاطمة شاهو، المعروفة في الوسط الفني الوطني باسم تبعمرانت التي تعد من أشهر الفنانات الأمازيغيات التي برعت في مختلف الفنون الشعبية الأمازيغية المغربية، وأن الحزب المستهدف بتلك العبارة، هو التجمع الوطني للأحرار الذي دعم ترشح النائبة فاطمة شاهو تبعمرانت للبرلمان.
ولم تكن عبارة ادريس لشكر لتمر دون أن تحدث رجة داخل المجتمع بتزنيت الذي يحترم الفنانة تبعمرانت ويقدر فنها ومركزها الاجتماعي والفني، ويفخر بها بين الفنانين الأمازيغ، كما أن هذه العبارة أحدثت جدلا واسعا في الأوساط السياسية وعلى مستوى الرأي العام الذي استغرب أن ينحط الخطاب السياسي في المغرب إلى هذه الدرجة، خاصة وأن فن القول في اللغة العربية، بالنسبة للذين يملكون أحكامه وأسراره، يغنيهم عن العبارات الرديئة والإشارات الدنيئة، للتعبير عن موقف أو تأكيد فكرة أو رأي.
وقد حاول بعض المسؤولين في الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي امتصاص الغضب بنفي أن يكون «الزعيم» أراد الإساءة إلى البرلمانية تبعمرانت التي سبق وأن هنأها حين ساءلت وزيرا في الحكومة باللغة الأمازيغية، تحت قبة البرلمان، أو إلى حزب التجمع الوطني للأحرار وسارعوا إلى إثارة حكاية «المؤامرة» الخارجية، بعد أن تأكد، في نظرهم، «نجاح» المؤتمر الإقليمي التزنيتي لحزب «الوردة» (!).
تنسيقية حزب الأحرار بتزنيت أعلنت أنها تدارست الموضوع، وَ راجعتْ تَسْجيل خطـاب «الـزّعيـم» وتـأكـّد لديْهــا بمـا لا يدع مَجــالا للشَك أن الكلام الذي جاء على لسان الكـاتب الأول للاتّحــاد، يحمل إيحــاءات واضحة تستوجب الإدانـة ، و بـالتـّالي فقد طــالبت التنسيقية بالاعتذار الصريح للحزب وللمناضلة فاطمة شاهو تبعمرانت ومن خلالها للمرأة الأمازيغية ولكل من أحسوا بالإساءة في المشهد الأمازيغي السياسي والفني الوطني.
الشبيبة التجمعية دعت من جانبها كافة الشبيبات الحزبية إلى الوقوف في وجه مثل هذه الخطابات السياسية البئيسة والشعبوية والسياسوية التي تنال من رموز الوطن وتؤدي إلى تبخيس وتمييع العمل الحزبي. كما أكدت أن كل إهانة للنائبة البرلمانية تبعمرانت إنما هي إهانة لخمسة وعشرين ألفا من المواطنين الذين وضعوا ثقتهم في فاطمة شاهو وحملوها إلى الكرسي البرلماني « ولم تحمل، كما حمل البعض إلى كرسي الزعامة على أكتاف أباطرة الفساد وعلى أنقاض الحزب العتيد !!!..»..
والسؤال: هل كان ادريس لشكر بحاجة إلى أن يفتح جبهة جديدة من «البوليميك» مع حزب سياسي يحظى بنفوذ واسع وبحضور قوي على مستوى الجماهير المغربية وداخل البرلمان، خاصة والحزب الذي يقوده يعيش ظروفا صعبة للغاية قد تؤدي إلى انفجاره كليا وتشرذمه بعدما يربو عن نصف قرن من حضور نضالي كبير قاد خلاله قاطرة التغيير من أجل البناء الديمقراطي ومن أجل مغرب الحرية والكرامة. وقدم في سبيل ذلك آلاف الشهداء، وتلك ، لعمري، مسؤولية سياسية ووطنية خطيرة، لا أعلم إن كان ادريس لشكر يعلم مدى خطورتها بالنسبة للماضي والحاضر والمستقبل .