مُسلمو الغرب و مُشكلة الإدْماج و الإنْدِماج؟
جريدة طنجة – عبد المجيد الإدريسي
الخميس 19 مارس 2015 – 10:25:50
ظـاهرة الاستعمار هذه هي من أبشع الظواهر البشرية على الإطلاق . ترتبط بما هو أكبر و أعم إشكالية لعلاقة الشرق بالغرب . لم يكن بأوروبا عِلم بالزمان الوسيط ، ولم يسْعَ العرب إلى الهجرة بل كانت من الغرب إلى العالم الإسلامي للتزوُد و تلقي العلم و المعرفة . العيب ثم العيب أن ننسى التاريخ .
و لمّا انتهت الأيام و السنين العِجاف طفت على السطح قضية بعنوان يعكس مدى الأحداث في العالم الغربي ذي الطابع العلماني الديمقراطي للإدماج و التكامل الاجتماعي للأجيال الثلاث من أبناء المهاجرين ، خصوصا منهم الشباب الذين يعيشون في المناطق المُهمَّشة و في حالات نزاع ، لِضمِّهم إلى النسَق السائد في المجتمع الغربي ، لإدخالهم و إلصاق أحدهما بالآخر .من خلال قراءة بين السطور من أجل إدماج المهاجر العربي ، خصوصا بعد أحداث “نيويورك” بتاريخ 11/9/2001 للميلاد الإرهابية و أيضا الهجوم على صحيفة “إيبْدو” ، طغت مشاعر الغضب على جميع العرب المهاجرين منهم و المسلمين خاصة ، يؤاخدونهم بذنب جماعة “حمقاء” أقدمت على عمليات إجرامية باسم الإسلام ، و الإسلام منها براء ، وهو الذي يدعو للناس كافة بالحكمة و الموْعظة الحسنة .
أبناء المهاجرين المسلمين الذين وُلِدوا في الغرب لا يمكن أن يكونوا إلاَّ من جنسيَته رغم العنصرية التي يعانون منها ، و كل مَن ليس من الهوية الإثنيَة و الثقافة الغربية . حُصِرَتْ المسألة في بُعدها الإسلامي و ليس العربي “إسلاموفوبيا” كما يُبَيِّتون . لماذا تمَّ التركيز على الإسلامية و ليس العربية ؟ و لماذا التركيز أيضا على اللحظة الراهنة التي تتميز بالخشونة و العنف ؟ إنْ لم يكن لحاجة في نفس “يعقوب” قضاها .
الإعلام و تأجيج مشاعر المُهمشين الذين سوف يُقِلبيون البلاد الغربية إلى الإسلام ؟ و أوروبا ستتحول إلى الإسلام ؟ و فرنسا يحكمها مسلم ؟ هل البلاد المُضيفة ستندمِج و يتمُّ إلتئامها إلى مؤسسة المهاجرين و انضمام بعضهما في بعض ؟ إدماج المهاجر في المجتمع بجميع مكوناته القانونية و الثقافية أم اندماج المجتمع الغربي في ثقافة و عقيدة المهاجر ؟ من العنصر الفاعل ؟ هل هذا التخويف مُتعمَّد ؟ وهم يشعرون( أي أبناء المهاجرين) بالضيْم و أنهم على الهامش لمفهوم خاطئ يُطبَّق على أمر الواقع . أم هو استبعاد لأقلية إسلامية ، منهجيا من النظام الاجتماعي لسياسات اليمين الأوروبي التي تخلق كيانات معزولة “الغيطو” . مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية يشمل الحق بالاختلاف في الهوية و احترام حقوق الإنسان و الحريات الأساسية ، التكافل الاجتماعي الذي يمنح الفرد حِساً بالانتماء .
فالشرعية ليست نتيجة التجانس الديمغرافي بل احتراما لِلتنوُع ؟ ألم يتغنَّ الغرب بالاندماج الاجتماعي في النظريات الكلاسيكية من التصنيف الذاتي و الهوية أم لِخصائص المهاجرين ، من الدِّين و الجنس و النوع ثـمَّ المُسْتوَيــات العلْميّـة و الثقـافية إلى الـزَّواج و السَكن المُخْتلط ؟ بـلْ لَعـلَّ دوافع الأحكام الأمنية المُسْبقة من التمييز العنصري هي دوافع سياسوية ، و تأخذ حيزا كبيرا في الانتخابات الأوروبية .
مستوى الكراهية للأحزاب اليمينية و للوبي الصهيوني الأورو-أمريكي باسم حرية التعبير على عواهنها ، يتمُّ ازدراء مقدسات المسلمين ، لإضطهادهم و استهدافهم عند ردِّ الفعل الشنيع لعمل شنيع لقلة ناذرة من أبناء الجالية المهاجرة (وهم أوروبيون) ، باسم الجهاد ، فيؤخذ دين الإسلام بذنبهم و إلصاقه بالإرهاب الذي هو من صناعة صهيونية صِرْفة . دلالة الكلمة ما أوسعها، إذ يستشعِر لفظها كل من استهزئ برسوله الكريم –ﷺ – ، فينبغي أن يعيَ المتكلم قبل أن يتفوه بها . و هل هي إلاَّ حصاد الألسنة ؟ و كل البيوت عورة . و يجب أيضاً و بإلحاح أن نُسائل دول الغرب التي تمارس على هؤلاء القمع النفسي، ثمَّ تسألهم ، لماذا لا تندمِجون ؟ فالنخب اليمينية الاوروبية و الصهيونية تصطاد في الماء العكِر ، حتى إنها لتهاجم النخب الغربية التي تؤيد دمقرطة العالم العربي – الإسلامي . هل حضارة الغرب في مأزق ؟ و حتى تستجيب لِدَلل الصهاينة و استراتيجيتهم و آمالهم في برمجة الكتاب المدرسي العربي على المنهج الغربي ؟ و باسم الإسلام “الليبيرالي” تتوخى الإسرائيليات “تزوير” كلمة الجهاد و “اقتلاعها” من بين دفتيْ الذكر الحكيم . أهناك خِسَّة أحقر من هذا البغاء السادي ؟ لقول الله جلَّ في علاه : إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون .
صدق الله العظيم ،(سورة الحجر، الآية 9 ) .