سكن بمئات الملايين لرجال السلطة تعويضات من زمن البذخ والتبذير
جريدة طنجة – عزيز گنّوني
الإثنين 09مارس 2015 – 15:39:45
أرْجُـو ان لا تَفْهَمُــوا من ذلكَ أنَ وراء الأكمَّة مَا وراءها وأن الغَرضَ “استِمــالة” أعوان الداخلية في معركة الانتخابات القادمة، لأن الدستور الجديد قطع مع الممارسات القديمة، وجعل صناديق الاقتراع مرآة للصفاء والصدق والشفافية .
هكَذا يجب أن تَفْهَم الأمُــور ..
وما المُشكل في أن يحصل بعض رجال السُلطة على “صرة” بمــائـةِ مليون سنتين، بين عشية وضُحَــاهـا ، ومن حيْثُ لا يحتسبون، وهم غير ملزمين حتى بالحضور اليومي لـ “دار ليوطي” بعد ما أبعدوا عن “تدبير الشأن العام” إن كان رجال السلطة ” يدبرون، فعلا، الشأن العام .
ولا بُد أن يُصبحَ الالْتِحَــاق بــالإدارة المركزية مَطْلَبـًا، بل أمنية من أماني مختلف رجال السلطة في حال ما إذا تمت المصادقة على مقترح حصاد من طرف بنكيران الذي شبه نفسه بـ “صباغ” فوق السرير يتعرض طول الوقت لمعاكسات أشخاص يهزونه من تحت ذلك السرير المرتفع ليسقط، ويعتقد أن مجرد تمسكه بـ “سريره” وب “شطابة” صباغته، يعتبر “إنجازا كبيرا” يحسب له ولحزبه لبذي فقد الكثي من بريقه.
مصادر إعلامية قالت إن العديد من الولاة المديرين بـوزارة الداخلية سوف يستفيدون من هذا “الرزق الذي ساقه الله” في غفلة من عُيونِ الحُساد، بملايين السنتيمات، خـامـًا ، حَلالاً طيّبــًا ولا هُمْ يَحْزنــون.
هذا المشروع أحدث رجة كبيرة في أوساط الرأي العام، وداخل العدالة والتنمية نفسه،حيث أعلن البرلماني أفتاتي وهو من قادات هذا الحزب البارزين، أن تعويضات عن سكن رجال السلطة المركونين بالكاراج المركزي، “تعويضات عن سكن هامان وقارون”. في حين يرى الكثيرون أن هذه التعويضات لا تتناسب ووضعية البلاد المالية، والمستوى المعيشي للشعب المغربي، في الوقت الذي ترفض فيه الحكومة التفاوض مع النقابات بشأن زيادة دريهمات في “سميك” العمال الفقراء، الذين زادتهم قرارات الحكومة بالزيادات المستمرة في كل شيء، فقْرًا وضُعْفًــا و هَشاشة……وحَنقــًا وحكرةً وغَضبـًا…
المَغـاربة لا يُعـارضون أداء فـاتــورة سكن نساء ورجال السلطة، إن كانوا فعْلًا يستحقون هذه التّعْــويضــات، والكل يعلم أنهم ليسوا “فُقَراء الأمة” وأنهم ينعمون بظروف عمل مريحة ماديا ومعنويا من أجور وتعويضات مختلفة ومتنوعة يسددها الشعب من جهد سواعده وعرق جبينه ، ولكنهم يعترضون على الحيف الذي يلاحقهم بسبب سياسات تمييزية ، غير عادلة ومجحفة في مجال الأجور والتعويضات بالنسبة لغالبية العمال والموظفين الذين عليهم أن يواجهوا ضنك الحياة وقسوة العيش تحت ضغط “الأيشيل” و “الإيشيلون” قبل الوصول إلى محطة التقاعد الذي لا تنتهي “محنه” إلا على حافة القبر .
ومما يدفع للاستغراب أن يخرج عبد الإله بنكيران على عموم الشعب بدفوعات تقلل من الصدمة التي أصابت الرأي العام بسبب تعويضات رجال السلطة عن السكن، ومن “خطورة” وقع تلك التعويضات على الرأي العام، بعد أن تم الإعلان عن قيمة تلك التعويضات السخية لفائدة الولاة والعمال والباشوات والقياد والخلفاء، ما بين 32 و 22 ألف درهم خام شهريا بمفعول رجعي، منذ 2012.
بنكيران فَنّـدَ مَا رَوّجتهُ بعْضُ وسائل الإعلام “المشوشة“، حول هذا الموضوع، بالرغم من أن المرسوم المقترح من الوزير حصاد مر بمكاتب الأمانة العامة للحكومة وأصبح جاهزا للنقاش بمجلس الحكومة الأسبوعي، إلا أن الضجة الإعلامية التي صاحبته عجلت بالتروي في معالجته لأنه لا يصوغ أن تسد “الصنوبر” في وجه عموم موظفي وعمال الوطن، بسبب سياسة التقشف الذي تفرضه حالات العجز الدائم في الميزانية والذي يدفع كل يوم إلى طلب قرض جديد حتى أصبح المغرب يتصدر قائمة الدول المستدينة، وتفتحه، بكرم حاتمي، وغير مسبوق، أمام بعض رجال السلطة من أصحاب الألقاب والذوات والأبهات..
أهذه هي العدالة بخلفية إسلامية ؟ أليس في الإعلان عن هذا المشروع دعوة إلى “الفتنة” في زمن الفتن التي تعصف بنصف دول العالم، متقدميه ومتخلفيه، وتهدد استقرارها وهدأتها وسكينتها وطمأنينتها. وحتى إن قبلنا بفكرة أن هذه التعويضات المجنونة لا علاقة لها بالريع الانتخابي، اعتبارا لكون الداخلية ورجالها، خاصة “المتفرغين” منهم، هم من سيتكلفون بالإشراف على الانتخابات المقبلة، فإن أمر الإعلان إعداد مشروع مرسوم بتلك التعويضات يبقى محيرا وغير مقبول ، بل ومستفزا للمغاربة الذين يعيشون هواس البوطة والسكر والشاي والزيت والدقيق والخضر..وكلها مواد استهلاك تشكل أساس مائدة فقراء الأمة وهم غالبية غالبية الشعب المغربي الدين يعيشون على كسرة خبر وكأس شاي، بينما ينعم الكبار، والكبير الله، بكل نعم الدنيا وزينتها وبالتالي فلا يحسون بما يشعر به الشعب من حنق وحقد حين يشاهد مظاهر التبذير و “البذخ ” وهدر المال العام من طرف “من لا يخافك ولا يرحمنا” ومن نزع الله من قلوبهم الرحمة.
مشروع تعويضات رجال السلطة، في الصيغة الأولى التي جاء بها مشروع حصاد، مرفوض حتى من داخل الأحزاب المتآلفة، لآنه لا يحترم شعور المواطنين، بل إنه يمكن اعتباره تحديا لمشاعرهم واستفزازا لهم ، ولذا وجب الأمر بمراجعته بما يدرأ الفتن ويحفظ الاستقرار ويرسخ ثقافة الأمن والأمان في ربوع الوطن.
ومهما يكن من أمر، فالرجوع عن الخَطـأ فَضيلـة ؛ سواء كان عمدا أو سهوا، أو أن تكون أقدمت عليه وأنت تعلم أنه خطأ أو قــرأت فيه صَوابـًا ليتّضِح لكَ فيما بعْد خَطـأهُ، ، فَرجعت عنهُ، فَالرُجــوع في كـل ذلكَ فضيلة.
افهمتيني أو لا ؟
_____________
بقلم : عزيز كنوني
azizguennouni@hotmail.com