الرياضة بين “السياسي” و”الانتخابوي”
جريدة طنجة – محمد السعيدي
الثلاثاء 10 مارس 2015 – 11:25:45
والمشكلة أن الرياضة يمكن أن يكتوي بنيرانها هؤلاء الانتهازيون ويحرقون اسماءهم بأنفسهم. و كثير من المسيرين الرياضيين اكتووا بنار الرياضة ولطخت أسماءهم وأسقطت شعبيتهم بعدما يستفيدون لفترة من هذه الشعبية بالإبداع في الكذب والمراوغات في تحقيق مصالح المواطن. وكم من أسماء تنحت عن “السياسة” بعدما امتطت المجال الرياضي لتحقيق أغراضها السياسية فبهدلها هذا المجال وفضح أهدافها الشخصية والذاتية، وكم من أسماء لم تقترب من الرياضة فحافظت على استمراريتها في المجال السياسي.
وعندما نتحدث عن الربط بين الرياضة والسياسة لأهداف انتخابية، فالمنطق هنا يحتم أن ننادي المسير ب “الانتخابوي” وليس ب”السياسي” لأن السياسي هو ذاك الشخص الذي يعي جيدا قيمة وقوة المجال الرياضي وما معنى الرياضة ولا يقترب منها إلا إذا كان فعلا سيسدي خدمات لهذا المجال. أما الانتخابوي فهو ذاك الشخص الذي يرتمي في أحضان الأندية الرياضية ويتحرك في فترة الانتخبات بالانتماء إلى المكاتب المسيرة وتنظيم دوريات الأحياء، والمشاركة في الندوات. حيث يوفر لنفسه الوقت الكافي لعدم التفريط في ذلك، لكنه يفر بجلده حين تحسم الصناديق في الأصوات وتنتهي الانتخابات. فيعلن الطلاق بالثلاث مع الرياضة. بدليل ومثل هؤلاء تحس بهم بمجرد أن تجلس معه واحد منهم وهو يتابع مباراة رياضية في كرة السلة مثلا، وحين يسجل فريقه “سلة” يصيح بحماس وهو يردد “كووووووول”. لأنه بكل بساطة لا يفرق بين كرة السلة وكرة القدم. فما يدخل السلة والمرمى سواسية عند هذا الانتخابوي.
تصوروا معي، وهذا مثال حي، أن مسيرا مسؤولا سابقا في مكتب اتحاد طنجة لكرة القدم، تابع مباراة للفريق بملعب مرشان، وحين دخل الفريقان سأل صديقه من منهما اتحاد طنجة(أقسم لكم هذه حقيقة). من فضلكم ماذا ننتظر من مثل هؤلاء المتسلطين “الانتخابويين” الذين يسمون أنفسهم مسيرين رياضيين وحين يتابعون مثلا مباراة بين برشلونة وريال مدريد، في كلاسيكو عالمي يسألون (واش ريال مدريد أو برشلونة هما اللي لابسين لكحال أو لبياض !!!). نعم هذه حقيقة وهنا تكمن المشكلة.
ليس عيبا أن يدخل السياسي إلى المجال الرياضي. لكن السياسي الحقيقي الذي يدخل للمجالس المنتخبة ويطرح ويفرض أفكار ومشاريع تخدم المجال الرياضي من بنيات تحتية رياضية ومن بناء قوي لفريق المدينة التي يمثالها. فريق له قاعدته وأسسه ( موارد قارة، ملاعب التدريب، مدرسة رياضية، مركز التكوين..). بمعنى القرب المتواصل من الفريق والاستمرارية في العمل وليس في فترة الانتخابات فقط. وهنا يكمن الفرق بين “السياسي” و”الانتخابوي”.
ولهذا السبب انتفض بنكيران، رئيس الحكومة في وجه الناصري، رئيس الوداد. من فضلكم من منكم كان يعرف الناصري من قبل؟.. طبعا اصبح معروف حين ترأس الوداد. لكننا جميعا نعرف عبد الرزاق مكوار الرئيس الذي صنع أمجادا للوداد. ولماذا خلع فوزي لقجع قبعته الرياضية وقام بالخلط بين الرياضة والسياسة حين دافع عن الناصري ضد بنكيران مستغلا موقعه الرياضي كرئيس جامعة؟.. لأن ذلك فرضه دافع حزبي ولبس ثوب “انصر أخاك ظالما أو مظلوما”.
لكن هذا الخلط أدى عنه لقْجَع الثّمن غاليًـا حين انتقدته الصحافة وذكرته بموقعه وعدم أحقيته في إقحام الجامعة والرياضة في شؤونه السياسية والحزبية وهو يدعو إلى ندوة للدفاع عن الناصري بعدما كان الجميع يعتقدها ندوة “قضية وطنية” ينتظرها الشعب المغربي بفارغ الصبر والمتعلقة بعقوبات الكاف على المنتخب الوطني.
من فضلكم، ادخلوا الرياضة من أجل الرياضة، وحتى وإن كنتم سياسيين فلا حرج في ذلك، لكن لا تكونوا انتخابويين فقط لأنكم بدون شك ستكتوون بنيران الرياضة مع مرور الوقت.