جميعا من أجل حمَاية اللغة العَربيّة
جريدة طنجة – عزيز كنوني
الاثنين 23 فبراير 2015 -16:03:36
عبد الإلـه بنكيــران، وخـلالَ النَّدْوَة الشَهريـة لحـزبــه، المنعقدة مؤخرا بالرباط، حول إصلاح التعليم، عـادَ لمُهَـاجَمةِ إدْمَــاج الـدارجـة فـي المُقَرّراتِ التّعْليميّـة خــلال المرحلة الابتدائيـة ، و إتّهَم دُعـَاة الـدارجـَة بمحاولة ضرب الهُـويــة المغربية والهُجــوم على العربية والأمازيغية اللّغَتين الرسميتين للبــلاد إلى جـانبِ الحَسّــانية التي هي عـربية فُصْحَــى سليمة.
كما أن الأمـانة العامـّة لـحزب المصباح قـرّرَت في لِقـاء أخير بـالربــاط تشكيل لجنة خاصة أوكلت إليها مهمة إعداد بيان مفصل حول موقف الحزب من قضية الهوية واللغة في التعليم وإعداد مذكرة خاصة بالموضوع توجه إلى المجلس الأعلى للتعليم والتكوين والبحث العلمي الذي أنشأه جلالة الملك في منتصف شهر يوليوز من السنة الماضية.
بعض التسريبات “المتعمدة” من أشغال هذا المجلس، سارت في اتّجـاه ترك الانْطِبـاع بـوُجــود “صراع” بين تيارات مختلفة، أكثرها تشددا يقوده المدعو “عيوش” الذي ما أن اتخذ موقعه “المريب” داخل هذا المجلس، حتى صرح بأنه “سيدافع عن فكرة استعمال الدارجة في التعليم” و “بكل قوة وفصاحة”.
أما القـُوة فـأمر مَعْلوم، ومنذُ نِصف قـرن، استعملها المستعمر الفرنسي في مُحــاولة تقويض اللّغَة العَربيّــة التي كانت الخطر الأكبر على وجوده الاستعماري بالمغرب، وحين طردته الإرادة المغربية خارج الحدود، عمد إلى أن يدق “مساميره” الفرنكوفونية في الكيان المغربي، إدارة وصحة وتعليما وتجهيزا وتنظيما وتخطيطا….وتفكيرا.. ليسهل إحكام القبضته الاستعمارية عليه من بعيد. وهو ما حصل .
ومنا من يتباهى اليوم بأن فرنسا هي المُصدر الأول إلى المغرب والمستورد الأول منه والمستثمر الأول فيه والمدعم الأول له…….وإذا ما تخلف نقطة أو نقطتين في هذا الترتيب”التفضيلي”، تباكت “تركة الفرنسيس” على ذلك، وتوعدت بقلب الموازين لفائدة “أجدادنا الوافدين علينا من بلاد الغال” .
نور الدين عيوش، خرج على الشعب المغربي بنــوع من التّهْـديـد والـوَعيـد ، بأن فكرة الدارجة بُنيَت علـى أسَاس عِلْمي وأنها ستتحقق إن آجلا أو عاجلا، وتنبأ بأن الدستور المغربي المقبل”سوف يقوم بدسترة الدارجة ويعطي المغرب لغة رسمية جديدة”.
عيوش، ولا أحد غيره يستطيع أن يواجه الملايين من المغاربة بمشروع تافه ، رديء، سخيف، وفاشل مقدما، خرج على النظام الداخلي لمجلس عزيمان، الذي ألزم أعضاء المجلس بالتحفظ في حديثهم إلى وسائل الإعلام بشأن القضايا المعروضة للنقاش، حين بدأ يروج لـ “أطروحته” المغرضة، بشأن “تدريج” التعليم في مراحله الأولى، وهو أمر محفوف بالمخاطر نظرا للاختلافات الموجودة بين المناطق على مستوى العقليات واللهجات المحلية ..
المشكل انطلق على مُستوى الرأي العام حين نظمت القناة الثانية ، غير مشكورة طبعا، في نوفمبر 2013، ما أسمته بـ “المناظرة” حول العربية والدارجة، واجهت خلالها مفكرا كبيرا، عبد الله العروي مع رجل نكرة، لا نعرف له علما أو عملا في مجال التربية والتعليم، باستثناء ما نسب إليه من إنشائه لمؤسسة زاكورة. وتحركت، فيما بعد، آليات الرد على “مشروع” عيوش الذي حصل على شبه إجماع بالرفض، باستثناء دعاة الفرنكوفونية وأنصارها وهم ليسوا، مع الأسف الشديد، بالعدد القليل.
وكان وصول نور الدين عياش إلى مجلس عزيمان ” مفاجأة غير سارة ” بالنسبة لغالبية المتعاطين مع اللغة العربية ومع قضايا التعليم بالمغرب، بالجدية والرزانة المطلوبة، وخاصة الإئتلاف الوطني من أجل حماية اللغة العربية بالمغرب الذي أفرز مادة غنية وخصبة دفاعا عن اللغة العربية التي يجهلها عيوش ويجهل دررها وغناها وقدرتها الخارقة على أداء دورها التربوي والتعليمي والتثقيفي كما كانت عبر عشرات القرون وكما ستبقى ــ رغم أنف الحاقدين والمناوئين والرافضين ــ ، لغة العلم والمعرفة والنبوغ والتألق.
تسريبات مجلس عزيمان ــ الذي بدأ يفْقـدُ مِصداقيته قبْـلَ أن يقـدم تـقريــره ــ أفــادَت وُجـود مـواجهة بين عيوش و خـالـد الصمـدي رئيس المـركز المغربي للـدّراســات والأبْحــاث التـربويـّة ، حَوْل الهُويــّة ولُغَـة التدريس، وهو موضوع التقرير الذي تكلف مجلس عزيمان بإعداد تصور شامل بشأنه، هذه المواجهة أدت إلى ارتفاع حدة الغضب داخل حزب بنكيران الذي يعتبر اللغة العربية خطا أحمر نهائيا وغير قابل للمراوغة أو المزايدة.
وهو على كامل الحق في ذلك..ا
وفي هذا الإطار خصصت الأمانة العامة لهذا الحزب، الأسبوع الماضي يوما دراسيا خلصت إثـرَهُ إلى اتّفـاق عــام حَوْل ضَــرورة إعداد مذكرة خاصة توجه لمجلس عزيمان تؤكد أهمية اللغة العربية كلغة التربية والتدريس ولغة العلم والمعرفة، في تثبيت الهوية الوطنية والشخصية المغربية. وأن التطور الثقافي والعلمي لا يمكن تحقيقه إلا باللغة الأم وليس بلغة أو لغات أجنبية دخيلة.
وبينما تعتمد أحزاب أخرى موقفا متذبذبا من هذه القضية، لاعتبارات “مفهومة” و “مخدومة“، سياسية وانتخابية، ــ ولم لا نقول “عنصرية إثنية” من المفهوم الضيق لهذه التوصيفات ــ لأن اللغة العربية لغة الشعب المغربي قاطبة، إلى جانب اللغة الأمازيغية، يَقفُ حـزب العـدالة والتنمية مَوْقفــًا واضحـا رافِضًــا للتـلاعُب بمَصائــر الأجْيــال المُقبلة كما وَقــعَ التــلاعب بمَصائــرِ جيلين من أجيــال الاستقلال، بـــاعتماد أسلوب التجارب المخبرية بين المغربة والتعريب والتغريب والفرنسة ..

















