“لقد هزُلت فِعلاً”
جريدة طنجة – محمد العطلاتي
الخميس 19 فبراير 2015 – 10:19:50
الأكثر إثاَرةً للإستغراب أن “نقاشاتنا” الثُنــائية كـانت تُمَهّـدُ السَبيل للاتّجــاه نَحْــوَ الإشـادة بكَفـاءةِ بَعْض “الأسماء” على سبيل التحديد ممن كنا نعتبرهم في خـانـة”الطُغَـــاة” و “الظالمين”، مدنيين في بعض الأحوال، و مُنتمين لأسلاك أخرى، في أحوال أخرى.
بين هؤلاء من كنا نعدههم “ضلعاء” في علوم السياسة أو “فقهاء” في علوم العربية و العجمية على حد سواء، وكانوا، على الأرجح كذلك، أما بفنون “الخطابة” فكنا نستحضر أسماء “لامعة و ألْمَعية” لا نرى لها نظيرا في هذا العصر.
“انْحطَـاط” مُسْتَوى المَعـارف و تـَراجُــع حُــدُود الكَفاءات، أصبح ظاهرة عامة في هذا البلد، وهي راجعة في تقديري البسيط، لأسباب و عوامل متعددة، لكن يأتي في مقدمتها عامل جوهري هو فشل التعليم العمومي في إنتاج “رؤوس” حقيقية حاملة للفكر الوقاد، و نجاحه “الساقط” في تبذير المال العام عبر برامج، قيل عنها أنها “استعجالية”، تتميز بقدر كبير من الغباء و سوء التقدير.
مناسبة الكلام “الجارح” لهذا الأسبوع أني تابعت “برنامج” الأسئلة الشفوية التي يطرجها “نوابنا” في سيرك البرلمان على وزراء الحكومة، ويُذيعها معا التلفزيون “الحكومي” و شقيقه الراديو “الرسمي”.
المثير للضحك في جلسة”الشفوي البرلماني”أن وزير الثقافة، بدل أن يتحدث أمام “النوام” بإحدى لغتي الدستور الوطني، فإنه آثر الحديث “بالدارجة” مكرها، كما يبدو، و إذا كان من الجائز استعمال الدارجة بهدف إيصال رسائل قد لا تنفع معها “الفصحى”فإن السيد الوزير لم يكن موفقا في إجاباته عندما استعمل دارجة ركيكة للغاية.
ُ
الأكثر إثارة للضجك، وهو بالمناسبة شر البلية،أن الوزير،أي وزير الثقافة و ليس الصناعة،عندما أراد العدول عن “دارجته” ويمَّم صوْبَ الفُصحى، صار يخبط خبط عشواء و مضى ينصب الفاعل تارة و يرفع المفعول تارة أخرى، غير آبه لقاعدة نحو أو صرف.
كيف يُعقل أن يتحدث وزير الثقافة بهذه الفضاعة؟و أية ديموقراطية هذه يفوق سكانها الثلاثين مليون مواطن لم تنجح في إسناد حقيبة الثقافة لوزير يُحسن الحديث بلغة الدستور الأولى؟
“لقد هزلت فعلا”