“طبقة السُّعْيان”؟
لكن يبدو أن ماركس و رفيقه إنجلز هما من أكدا على ضرورة النشر العالمي لهذا “الصراع“،باعتباره واقعا بين الطبقات، لأنه سيكون لا محالة المُحَرّك المرجعي لإحداث كل التّغييرات الإجتماعية و مَفاصل التـاريـخ البَشري الحديث.
لقد تنبأ ماركس بمجتمع، مُستقبلي، ناصـع البيـاض تَنْعَمُ فيه البشرية بالعدل و المساواة التامة، و أن الفضل في ذلك سيعود، لا محالة، إلى “الثورة” التي ستشعلها طبقة العمال في وجه مستغليها من طبقة البرجوازية، بمختلف تشكيلاتها “الإقليمية” و “الجهوية”، بل إن ماركس، غفر الله ما تقدم من ذنبه، عوَّل و راهن على”بروليتاريا” بريطانيا، باعتبارها قوة رأسمالية، لإحداث الثورة و تخليص الإنسانية من “شرور” و “آثام” البرجوازية.
و بحسب “ماركس”، الذي لا تجوز عليه إلا “الرحمة”،فإن “البروليتاريا“، أو بالأحرى ديكتاتوريتها، ستقود المجتمع نحو اشتراكية “حقيقية”تنعدم فيها الطبقات و يتجانس فيها الناس،قبل أن يتحقق من خلالها الشعار المركزي”من كل حسب طاقته، و لكل حسب حاجته”.
توالت الأيام، قبل أن ينتبه الرفيق “لينين” إلى تصحيح “تكهنات” سلفه ماركس، و بدل انتظار تَشَكُّل وعي”البروليتاريا”، الذي قد يأخذ وقتا طويلا، فقد دخل “فلاديمير” مباشرة في “الموضوع” دون “مقدمات نظرية”، و أحدث ما قال إنها “ثورة” في مجتمع روسي يكاد يخلو من العمال.
بعد ذلك، و في الوقت الذي دخل فيه العالم سباقا سريعا نحو تحقيق”الثورة”، كان “الشُّطار” في سباق آخر نحو تحقيق”الثروة”، و بدل نهاية الطبقات، الذي وعد به “ماركس” و خلفه “فلاديمير”، فإن الطبقات تعددت و تكاثرت في المجتمعات، فالبرجوازية أصبحت أشكالا و أنواعا منها ما “يرتع” في الصناعة و منها ما “يلعب” في المال و التجارة، و منها ما يراكم “الثروات” دون أن يكلف نفسه أي عناء يذكر.
و في المقابل،تعددت الطبقات و تناسلت بشكل سريـع ، طبقــات تـوحـي بشَكْلها الخارجي، أنها “رَثـّة“، و قد يُعَـوَّلُ عليها لإنجاز مهام “الثورة المُنتظرة و المباركة”، و هكذا ظهرت طبقة “اللصوص” و “السماسرة” و انضاف إليها “الوسطاء” و “المُحتالون”، لكن آخر طبقة “كلسية” تشكلت في العصر “الحديث” هي طبقة “المتسولين”، التي لم يتنبأ بها “ماركس” و لا رفيقه “إنجلز”، هي طبقة “المتسولين”.
لقد أصبح “السُّعيان“، بحسب الوصف القدحي الذي يطالهم، طبقة حقيقية في المجتمع المعاصر، لاعتبارات كثيرة، قد يكون ماركس أهمل ذكرها، فهي قد طورت “وسائل الإنتاج” بشكل لا إسراف فيه و لا تبذير، و نظمت مناطق نفوذ أعضائها، وحاربت “ممارسة التسول بدون ترخيص” بل إنها لجديتها انخرطت في صراع “تطبيقي لا طبقي” يرتبط بتحديد”مناطق النفوذ الحيوية” مع مُنافسين مُحتملين.
لكن الخاصية الجوهرية التي يتوحد حولها كل المنتمين لهذه الطبقة،”المناضلة” و “الـمُسالمَـة” إلى أبْعَـد الحُـدود، هـو انْعــدام الشفـافية و عدم الكشف عن رقم معـامـلاتهــا الحقيقي من أجل إخضاعه للرسوم “الجماعية” و الضرائب “المخزنية”، ففي النهاية فــإن الطبقة إياها، تمارس نشاطها الإنتاجي”المُدر” في أزقة “الجماعة “و تُعالَج في”مصحات” المخزن.
ما رأيكم في “طبقة السُّعْيان”؟