“جهوية معلقة”
كان من “المفروض” أن يعتمد المجلس الحكومي، في اجتمـاعه الأخير، مشروع المرسوم المتعلق بالتقسيم الجهوي الجديد، مشروعاً انخفض بمقتضاه عدد الجهات إلى حدود دنيا،لكن، و دون سابق إعلام، أعلنت الحكومة خبر “تعليق المصادقة” على المشروع بسبب عرائض وقعها نواب عدليون و شعبيون “حاكمون” و آخرون استقلاليون “معارضون” .
المشروع الذي جرى “تعليقه” كان ينوي “إلحاق” عاصمة الريف الأوسط بعاصمة البوغاز، بمُسَمى ظهرت فيه أسماء مدن ثلاث، و غابت عنه اربعُ أخرى، فقد حــوَّل المشروع “المُعاق” جهة “طنجة ـ تطوان” صَوْبَ ” الحسيمة”.

في المقابل، ظهرت بالريف مطالب “تاريخية” و أخرى “جغرافية“، امتدت و استطالت أحضانها لِتُوحِّد “كارانْ و ركادة” الشرق مع “كالينتي و طقطوقة” الغرب، و تكتملَ بذلك ملامحُ جهوية حقيقية يمتزج فيها المناخ الجاف بالرطب صانعا في الختام نهاية “جدار” ظل يفْرِقُ، في اعتقاد اصحاب هذه المطالب،بين جناحي “نجم الشمال” طيلة فترات ما بعد الاستقلال.
بعيدا عن متاهات السياسة و تعقيدات التاريخ ، فـإن واقع الشمال يشهد ارتباط الريف الأوسط بالريف الغربي على امتداد عقود طويلة، ففي مرحلة الاستعمار الاسباني اتجه “الريفيون” إلى تطوان سبتة و طنجة، و شكّـلوا نسيجاً بشَريا استطاع الاندماج بِيُسْر .
في نظر “بعضهم”، فإن المشروع “المعلق” لا يعدو أن يكون مُجرد تأكيدٍ “شرعي” لواقع ارتباط الريف الأوسط بطرفه الغربي، فيما رآه آخرون واحدة من المعارك الـــ”تاريخية” لتنظيم سياسي “أصيل و معاصر” سيذود عنه بالغالي و النفيس حتى يراه واقعا متحققا على أرض الواقع، و لو بعد “لأي”.
نتائج الصراع حول إقرار التعديل الجهوي من عدمه، سيكون له ما بعده، فرغم “التعليق” الذي شهده المشروع بسبب تحركات “استقلالية” من داخل المعارضة، و أخرى “شعبية” و “عدالية”، من داخل التَحالُف الحُكومي، فإن إقراره سيتم لا محالة، ولو بعد تعديله بصورة من الصور.
و ككل تقسيم جهوي، مهما كانت طبيعته، سيكون هناك و دائما، مستفيدون و متضررون، والتنافس سيكون حادا ومحتدما قبل الإقرار و بعده ،بين مختلف التشكيلات السياسية من أجل الظفر بمنصب الحاكم “الجهوي”، لكن السؤال المركزي سيبقى دائما:هل سيؤول منصب الحاكم “للروافة” المتغربين في طنجة أم أنه سينتهي بيد “جبالة” و حلفائهم “المتريفين”؟ أم أن لاشيء سيحدث مطلقا، و أن جهوية المغرب كما نظر إليها الحسن الثاني ستبقى إلى حين مجرد “جهوية معلقة”؟