الرأسمال غير المادي” في ندوة من تنظيم غرفة التجارة والصناعة والخدمات بولاية طنجة
الندوة عرفت مشاركة و تأطير عدد من الدكاترة والباحثين والأساتذة الجامعيين و الخبراء الاقتصاديين فضلا عن الفعاليات المهنية و الإعلامية المتواجدة بجهة طنجة، وتميزت بكلمة رئيس الغرفة، عمر مورو، الذي أشار فيها إلى الندوة تروم التعريف بمفهوم “الرأسمال غير المادي” والتحسيس بضرورة الانخراط في هذه الرؤية مع الحرص على استدامتها واستفادة الجميع من نتائجها .
مضيفا أن الثروة غير المادية لكل فرد مغربي هي سبع مرات أكبر من الناتج الداخلي الخام المقدر من طرف المحاسبة الوطنية حيث أشار تقرير البنك الدولي بالنسبة للمغرب أن معدل الدخل الفردي يصل بالكاد إلى ثلاثة آلاف دولار سنويا، غير أنه بحساب الثروة غير المادية يقفز المعدل إلى 22965 دولار. و مقارنة مع دول الجوار يتقدم المغرب على الجزائر في معدل الثروة بحساب الدخل الفردي السنوي، ومعدل الرأسمال غير المادي، إذ يصل معدل الجزائر إلى 18491 دولار، غير أنه أقل من المعدل التونسي الذي حدده التقرير في 36537 دولار، بينما مصر 21879 دولار. مؤكدا أن إدماج المقاولة المغربية للرأسمال غير المادي في مفهومها التدبيري ومؤشرات أدائها وتحفيز العنصر البشري على الابتكار، سيضاعف من حظوظ تطور انتاجها، وبالتالي تعزيز حضورها العالمي في اسواق دولية. مضيفا ان الخطاب الملكي السامي رسم بامتياز ملامح مستقبل ينبني على إعادة الاعتبار للعنصر البشري، ورأس المال غير المادي ودوره في تحقيق تنمية مستدامة لفائدة الأجيال الحالية واللاحقة.
وفي مداخلته أثار السيد مصطفى الشكدالي باحث و أستاذ في علم الاجتماع الذي اشرف على تسيير الندوة، مجموعة من الاسئلة التي شكلت ارضية عمل بالنسبة لمداخلات المؤطرين، منها مفهوم الرأسمال الغير مادي و المقصود به و الطرق الكفيلة لقياس هذا الرأسمال وجعله ملموسا وماذا عن مدينة طنجة و هل تسوق فعلا لهذا الرأسمال الغير مادي الذي زخرت به في الماضي وتزخر به حاليا في ظل ما تعرفه من اوراش كبرى …السيد الشكدالي أوضح أيضا أن للرأسمال غير المادي العديد من المصطلحات المرادفة، تشير إلى المعنى نفسه مثل الأصول غير المادية، والأصول المعنوية، والرأسمال المعرفي، والأصول المعرفية، والأصول الفكرية والموجودات المعرفية.
في السياق نفسه اعتبر حذيفة أمزيان رئيس جامعة عبد المالك السعدي من خلال مداخلته حول موضوع ” أهمية التكوين في بلورة مفهوم الرأسمال غير المادي” ان الرأسمال البشري هو القوة الاهم في الاقتصاد الوطني واصفا اياه ببترول الالفية الثالثة وان العنصر البشري و الرأسمال المؤسساتي يعدان اهم مرتكزات الرأسمال غير المادي ،مبرزا أن تطوير البحث العلمي والاستثمار في العنصر البشري عبر التكوين والمواكبة العلمية والفكرية والتربوية هو استثمار للمستقبل وتسريع وتيرة التنمية.
بالمقابل استعرض حفيظ شكرة مندوب وزارة الصناعة والتجارة و الاستثمار و الإقتصاد الرقمي في مداخلته حول “مكانة المؤسسات الإقتصادية في الارتقاء بالرأسمال غير المادي” معايير قياس الرأسمال غير المادي والتي اجملها في الحكامة و جودة المؤسسات والسلم والاستقرار السياسي و الرأسمال البشري والاجتماعي والرصيد التاريخي للبلدان والقدرة على الابتكار و الابداع الثقافي والفني وجودة الحياة . كما اوضح انوجود استقرار سياسي و رؤيا واضحة و ثقة في السياسات العمومية عوامل من شانها من جلب الاستثمارات وخلق فرص الشغل و تحسين الدخل للفرد .
أما الأستاذ زين العابدين الحسيني ، أستاذ القانون العام بكلية أصول الدين، إعلامي وفاعل جمعوي، في مداخلته حول الرأسمال اللامادي بين المفاهيم الاقتصادية والأبعاد التنموية، فقد ركز على مجموع القيم العالية التي يتمتع بها المغاربة والتي اتخذت عدة اشكال مع مرور الزمن ذكر منها “التويزة” وقيم التضامن والتكافل ومؤسسة محمد الخامس للتضامن والمبادرة الوطنية للتضامن ومختلف المخططات و البرامج…اضافة الى الجهود التي يبذلها المغرب في مكافحة الفساد والنهوض بحقوق الإنسانوهو ما مكن من تثمين الرأسمال البشري والاجتماعي في المملكة .
وفي الأخير أثيرت مناقشات مهمة همت مآل الرأسمال غير المادي في ظل التحولات التي تعرفها بلدان العالم ودور هذا الرأسمال في الرفع من تنافسية المقاولات وعلاقته بالناتج الداخلي العام وكيفية مساهمة القطاع الغير المهيكل في خلق توازن بالاقتصاد المغربي في ظل الازمة الاقتصادية العالمية والسبل الكفيلة لتنمية الرأسمال البشري وجعله في صلب السياسات العمومية ، من أجل إنجاح وضمان توزيع أفضل للثروة الوطنية وتحسين ازدهار المغاربة.كما تم اعتماد توصية تقضي بتنظيم مناظرة جهوية تجمع مختلف الفاعلين حول موضوع الرأسمال غير المادي وتسند اليها مهمة فتح جسور لتواصل وتحاور اكثر عمقا واكثر تحليلا.*