الإسلام والإرهاب
جريدة طنجة – حمزة الحسّاني بنطنيش :
الاثنين 26 يناير 2015 – 17:02:28
من أجمل المواقف وأكثرها تأثيرا على ضميري وإنسانيتي، كان يوم دخلت مسجد الرحمة بالمجاهدين (مسجد المقبرة) لأداء صلاة الجمعة، وكان الموضوع عن هجرة الرسول ﷺ ومعجزاته المتعلقة بها، والدروس المستفادة … بعد الصلاة مباشرة، وفي أجواء جد روحانية، نادى المسمِّع: “الصلاة على الجنازة، جنازة طفل” كبر الله الحاضرون تعظيما وإجلالا، وكنت بجانب المسمِّع ، نهض من مكانه مباشرة بعد نطقه بالجملة الآنفة الذكر.
كائن بشري لا يتجاوز العشر سنتيمات عرضا، والخمس وأربعين طولا …
هنا تحركت أحاسيسي وقلت مرددا مرارا: الله أكبر الله أكبر … وانجلى لقلبي بإلهام من الله تعالى أن يرى عظمة دين اسمه الإسلام، متجاهلا كلام الإمام وهو يشرح كيفية الصلاة على الطفل.
ما معنى أن يكون دين يعترف بروح طفل، فيكرمه ويقيم له صلاة الجنازة، ويوقف له كل من في المسجد من كبار وصغار وشيوخ ونساء … ؟ أليس هذا احتراما للإنسان ؟ أليس هذا تكريما للبشر ؟ أليس هذا من أهم وأصدق ما يكرس لحقوق الإنسان ؟
ترى هل يعقل أن يكون دين بهذا الوزن، يحترم جثة صغيرة الحجم، كبيرة التقدير، يعترف بشيء اسمه الإرهاب ؟
هل يعقل أن يكون نبي أتى بهذا الدين وأكمَلَه، رمزا من رموز الإرهاب، والداعي إلى قتل الإنسان، والانتقام من المخالفين ؟
على إثر ذلك بساعات، قرأت نبأ مقتل مغربي جنوب فرنسا بطلقات نارية عدة، وخاطبه قاتله بالقول: أنا ربك، أنا دينك … هكذا سقطت روح مغربية مسلمة لم تقف لها أوربا وقفة رجل واحد، ولم نر مسيرة التنديد كلنا (…) ولم تتغير النظرات السابقة تجاه المسلم.
لا أستطيع إدراك شيء ءاخر غير أن لفظة “الإرهاب” هي شارة ملصقة بظهر كل مسلم أينما حل وارتحل، أما الآخر فسرعان ما يعلل أمرُه بالسفه والجنون أو حالة نفسية صعبة، أو ظروف اجتماعية خطيرة كانت وراء ذلك، بينما المسلم يحرُم أن يقال في حقه شيء من ذلك.
غريب أمر هذا العالم الظالم، مجتمع دولي قاس علينا، ولا خير يرجى من المسلم غير أنه دائما قنبلة يحتمل تفجيرها في أي وقت، يُخشى لباسه، ويخاف الناس شعر ذقنه، بل وأسماؤنا التي هي فقط مجموعة حروف لا ندري معانيها حتى نحن في الغالب.
نتساءل كثيرا في مواضيع شتى، متفارقة متباينة، مختلفة الخبايا، ودائما النتائج متشابهة مشتركة: أمة في الحضيض، وفي جل الأحيان لا نضع الدواء على الجرح تدقيقا، ومن ذلك هذا الموضوع الساخن (الإرهاب) لم ندافع عن أنفسنا وديننا بموضوعية وحركة صائبة، غير أنَّا غيَّرنا صور صفحاتنا الاجتماعية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
أمة تحمي طفلا، وتقيم له مراسيم الجنازة، وتحرم إجهاضه، بينما لا تستطيع الذب عن نبيها، تواجه الإهانة بالصواب، وتقارع الحجة بالحجة، كي تعود إلى نهضتها، وتستعيد المجد والحضارة، أما آن للعقل أن يشتغل ؟
لن تحترمنا شعوب الأرض ولن تقوم لنا قائمة، إلا يوم نحمل راية العلم، ونقدس “اقرأ”، ونسارع إلى ترجمة العلوم والاعتكاف على المعلومة، بدل أن نسارع إلى طَبَق لطالما تعاهدناه، مملوء بـ: كافر، فاسق، مبتدع … شغلتنا أنفسنا واستهداف بعضنا، على ان نشتغل بالإيجابي:
والغرب يشغله مال ومتربة == والشرق يشغله كفر وإيمان
بقلم : حمزة الحسّاني بنطنيش