كيْفَ يَنجَذِبُ العاشِق إلى المَعْشوق
أحِبُّكَ حُبَّ الهَــوَى (رابْعَـة العَـدَويَّـة) .عِند المُتصَـوِّفــة عِلـم اللّغــة سُلـــوك مَعْـرفِـيٌّ يعْتمد العَقْلُ مِن أجلِ نقذه لا مِن أجل تــأييده . من هُنا نَظريـة المعـرفـة عند بن عَـرَبـي المُـرْسي في العقل و النقل بينما عند بن رُشْد أساسُه العقل دون النقل مُقتدِيا بأرسْطو .
جاء على لِسان بن البنا السِرْقسطي في “عِلم” التصَوُّف :
عارٌ لِمَن ْلم يَرْضَ العُلوما // عْلم المَوْجود و المَعْدوما
و لم يَكن في بَدْئِه فقيها // سائِر الأحْكام ما يُدْريها
و الحَدّ والأصول واللسانا // الذِكر والحَديث و البُرْهانا
قد بلـغَ بن عربي من لدُن بن رُشد عُذرا حين أدْرَك المَعْنى من بن عَرَبي من منطق تصَوُّفه عند لقائهما و حديثهما في سياق إجابات هذا الأخير ب، “نعَم” و “لا” ( العادَمِيَة من جهة مَنطق الراشيديين ) ثمَّ ، “نعَم لا” . فكانتْ نعَم للإثبات المَحْض ، الضِدُّ في عين ضدِّه و لا يُدْرَك إلا بضدِّه. أعقبتها “لا” و هي نفيٌ للإثبات المَحْض ، لا يُنفيها إلا من جنسها (-س+س=0) . “لا” مِرْآةٌ ل”نعَم” و “نعَم” مِرْآةٌ ل”لا” المنطق العقلي لا يَقوم إلا بضِدِّه . شخصٌ يَرى نفسه في المِرْآة مِنْ قبُل و مِن دُبُر (خلفه) مِرْآة مُماثِلة ( مُتوازيتان مُتساويتان في الحَجْم و المِساحة ) يكون هو المِحْوَر بَيْنهما ، فيُبْصِرُ إنعِكاسات لِصورتيْن عادِيَتيْن و مَعْكوستيْن تتضـاعفــان إلى مـا لا نهايـة .
إنعكاسات الصورة مادة عِلمية بالمُشاهدة (كتفاحة نيوتون لِنظريَة الجاذبية إذ كانت هي الأخرى بالمُشاهدة ) ، يُدْركها العقل و قد لا يَفهَم مُضاعفات الصورة إلى ما لا نهاية ، إذ هنا يتوقف مَفهوم العِلم عند العقل فيُصْبحُ هذا الأخير عاجزا ؟ لماذا يُريدُ العِلم من العقل أن يَفهم بدون حَدٍّ ؟ٍ
بَحثا عن الاعتدال بين الضِدَيْن كـالــرَطْب و الجــاف ، الحار و اليابس ثمَّ الثلج و الماء تجمع بينهما الحرارة و هذه الاخيرة تجمع بين الماء و البُخار . و هو مَسار في التراقي الصوفي ، كانت مُناسبة لابن عربي مع كل تلك الأضْداد . لِيَخلصَ إلى النور والظلام و هو مَنطق التصَوُّف الكوْني لابن عربي … لِمقام جَمْع الجمْع وهو مَقام البقاء و الفناء . صورة مَعْكوسة لِلفرْق في الجَمْع إنْ كانت مِرْآة لِلحقيقة ( والله أعلم ) و هي الكشف الكوْني أي التماثل المِحْوَري ، وهو أيضا مؤنهاج التأويل العقلي خاص و ليس خالص . مؤمن بالوَحْدة الوُجودِيَة (الكلِيَة و لإلهيَة هي أن يُصْبح الإنسان إلهيا ؟ ) .
مقام البقاء و الفناء : جَمْعٌ في فرْق و فرْقٌ في جَمْع أي أنهما يجتمعان في فرق و يفترقان في جَمْع ، و هذا هو مَقام جَمْع الجَمْع عِند الصوفية و ظهور نشأة التصَوُّف و الزهْد و النسك و الحُبِّ الإلهي . الخلود لِلنفوس التي آمَنت بالله و رُسله و أنبيائه .
المرآة تعْكِس الصورة المَعْكوسة إلى المُسْتوية ، عند سيارة الإسْعاف التي تكتب عِبارتها للإرشاد مَقلوبَة كيْ يتأتى لراكبي السيارات أمامها، قراءتها مِنْ خلال المِرْآة قِــراءَة صحيحـة . العيْن مِرْآة بَصَريَة تلتقط الصورة على شبكتها مقلوبة فتستوي عِند النظر . المادة المُظلِمَة هي التماثل الفائق عند الصوفية ، كانت في العيْن أمْ كانت في الكوْن ؟ كلُّ الفترات التاريخية مُشرقة كانت أمْ مُظلمة انعَكست على المتصوفة بالمُضايقات من فقهاء الحُكام باتهامهم بالزندقة .
نظرية الوجود الإلهي و كتاب “ابن مرجان ” في تفسير القرآن بالقرآن ثمَّ شرحه لأسماء الله الحُسْنى ، ثمَّ فِراسته بفتح بيْت المَقدس ، كان مصيره القتل و طرح جُثمانه في مكان القذورات (أيام يوسف بن تاشفين) . فقهاء الحكام أفتوا بقتل المتصوفة على غرار عهد الجاهلية الذين اعتمدوا حيلة النسِيَِّ (النسيء) لِيُحـرِّمـــوا الشُهور القمرية على هواهم ، عاما و يُحلونهم عاما ، لِيُحرموا ما أحلَّ الله جلَّ في عُلاه ، إسْتدلالا بالحديث :إذا استشاط السُلطان حضر الشيطان .(و الله أعلم). إتجاه كبير لعلماء التصوف من الرعني إلى السشتري ثمَّ الحسن الشاذلي تلميذ القطب المولى عبد السلام أحفاد المولى إدريس (رضي الله عنهم) . لابن عربي أيضا وحدة الوجود للفناء المُطلق . كتاب وحدة الذات و وَحْدة الصِفات وهو الله العالِم مِن حَيْث صِفاته لا مِن حيْث ذاته . عند الصوفي و هي أعْلى المَراتِب ، إذ المُتصوِّف لم يَصِل إلى الأعْلى ، عندهم طبيعة القراءة : لِلأعْلى يُدْرك مَن في الأسفل لا العَكس . مقامات الصوفية أساسها المَحبَّة و الإحْسان:
أعلى مقام……الغــوْتُ و القُطْــب
له ……………….وزير ……..وزير (هما وزيران)
( 4 أوتاد )
(المَشرق)..وَتد ….وَتد (القِبْلة)…وتد (الجَوْف)…وتد (المَغرب)
(7 الأبْدال )
…بَدَل….بدل….بدل….بدل….بدل….بدل….بدل ….
النُجباء
ُالنُقبـاء
الصوفِيَة…المُريدون…المُرابطون…الصالِحون…المُحبُّون…
جاءَ على لِسان القُطب عبد القادر التبِّين قوْلة حكيمة : مُجاورة الأغنياء وقراء الأمَراء الأغبياء يُفسدون مَنْ جالسَهم مِنَ الأتقياء . و قال أيضا: مَنْ اسْتوْطن مَقاما كان لهُ حِجابا . قيل (جان بول سارْتر) إنَّ الصوفية قلب الإسلام ؟ وقيل عن(جاك بيرك)، إنْ أسْلم لاختار الشريعة ؟ …الله جلَّ و علا غني عن العالمين . فقهاء التصوُّف هم الذين أسسوا مدرسة ترَسِّخ أفكار إخفاء المعاني و تعَلم أساليب الفِكر في عِلم الكلام ، إضافة إلى علم الكلام لأبي حنيفة في كتابه “الفقه الأكبر ” . التصَوُّف “عِلم” الباطن حِصْن للأخلاق و اكتشاف لشهادة التوحيد و عَدَم الغفلة عن الله(سبحانه) للبذل و العطاء ، حتى يُقيهم شحَّ أنفسهم ، أي الروح في سُمُوِّها . أخذ عنهم أبو العَبّاس السبْتي قِيَمَ التصوُّف كمَبْدإ . إذ نبْع النهْر على نهْل الصوفية ، فإن لم يكن بالله فلمْ يكن بمقام العُبوديَة . قد طابق بعض المتصوفة و الفلاسفة بين العقول و “الملائكة “المُقرَّبون .
الفرابي و نظرية الفيْض عنده في العقل الأول تتفرع عنه العقول بطريقة منتظمة في تفسير كيفية الموجودات . من الواحد الثابت وهو العقل الأول المُطلق الأبدي الذي يتولد عنه الوجود الزمني إلى آخِر العالم المادي . الفيْض الإلهي ، بين الكاف والنون ، كنْ فيكون . العالم نتيجة الفيْض الرباني . الله سبْحانه سُبحانه “إلى ما لا نهاية” هو الأول ليس قبله شيء و هو الآخر ليس بعده شيء . وليس كمثله شيْء-صدق الله العظيم. أمّا الشاذلية فمن تصَُفهم السُني ، و الاستدلال على ذلك الحديث : قيل إنَّ عباد الله عِبادا يَغبطهُم الأنبياء و الشهداء ، قيل مَنْ هم يا رسول الله (صلعم) ، أوْصِفهم لنا لعلنا نحِبُّهم ، قال( صلعم) : قوْمٌ تحابّوا بروح في الله مِن غير أموال و لا اكتِساب ، و جَوْهرهم نور على مَنابر مِنْ نور ، لا يخافون إذا خاف الناس و لا يَحْزنون إذا حزن الناس (حديث عند النسائي و أبي داود و في مُسْند بن حَنبل بألفاظ متقاربة ) . من أقوال الغزالي : عَمِلت بأعمالهم (مقامات الصوفية) ، و تيَقنتُ مِن ايمانهم . الإيمان و الإسلام و الإحسان ، وهومَقام الصوفية .
الميْكروفيزيائي : دراسة المادة على سُلم ميْكروسْكوبيك من فيزيائية نووية ، و الذرية (د.الزويل ، جائزة نوبل للفيزياء) و فيزيائية الأجسام التي لا ترَى بالعيْن المُجرَّدة و العِلم الذي يَختص بدراسة الحالات الميْكروسكوبيَة و أيضا مِن علوم الطقس إلى علم الضوء .
المَكروفيزيائيَ : دِراسة الطاقة المَكروفيزيائيَة و لِلمادة و الطاقة الفيزيائية و المادة الحيويَة و هي حقيقة التنوُّع الكمِّي لِلظواهر .
*
هذا القانون الكوْني اعْترَف به العِلمُ ، و كيْف لا يُعترَفُ بالصوفِيَة كعِلم وهو إحْدَى هذه الظواهر ؟….
و مِن نفس البَحْر لِلشعْر العَمودي ، نظم بن البنا السرقسطي رائعته في التصَوُّف (تتمة لقصيدته ) :
وَ لمْ يَكنْ أحْكمَ عِلمَ الحال // وَ لا دَرَى مَقاصِدَ الرِّجال
وَ لمْ يُنزهْ صِفة المَعْبود // وَ لا دَرَى مَرْتب الوُجود
والنفس والعَقل مَعا والروحا // وَيَدْري مِنه صَدْره المَشروحا
قال الله جلَّ في عُلاه : نرْفعُ دَرَجاتٍ مَنْ نشاء ، وَ فوْق كلِّ ذي عِلم عَليم (صدق الله العظيم – س. يوسف الآية 76)
عبد المجيد الإدريسي
عندما تَنفجر لُغة العِشق…
مرت بي و على وجنتيها قمران
يجري الشذا في عيونها الداكنة أنهــــرا
ألبس ازررقاء موج البحر مئـــــــــزرها
فكانت لؤلؤا يرتشف منه المـــــــــــوج
وفي عينيـــــــــها ابتسامة ربيـــــــــــع
قلت لها : لا تغمضي عينيــــــــــــك …
فقد يسكوهمــــــــــــــــــا شفق بنفسجي
وحينها تتفجر لغـــــــــــــــــــة العشق
عذراء تحضنها ذهبية الرمــــــــــــال
حافية القدمين تخطو في كبريــــــــاء
وفي خطواتها يعتصر منهـــا العطـــر
فلها أضحت تغرد العصافيــــــــــــــر
فترقص الزهور عارية تحت ذيول الطواويس
وتحت قدميها يجري الندى المعطــــــــــار
وعلى ظفائرها فراشات من حريـــــــــــر
تنسرح خصـــلا مغــــــــــــــــــــــــردة
قلت لهـا : أي تبر أهديــــــــــــــــــــــك
فالتبر على ثغريــــــــــــــــــــــــــــك
رسم شلا لا ينسكب لجينـــــــــــــــــــــا
تهيم العصافير حولها أسرابا و أسرابا
فأمست تحي أغنيـــــــــــــــــــــــــات
غمرت الجو دفئــــــــــــــــــــــــــــــــا
طوبا لقـــــــــــــــــــدك الدي …
سجدت من أجله الياسميـــــــــــــــــن
ما أروع ما يفلعه الجمال حين تراه العين مؤتلقا !!
شعر : عبد الرّحمن بن الأشهَب