“حالة تطبيــــع”
جريدة طنجة – محمد العطلاتي
الأربعـاء 07 يناير 2015- 12:19:37
بعد مُضي سنوات على “ عهد المغرب الجديد” تَسارعت الأحْـداث ليَحُــلَّ بعْدهــا على المغـرب فصل جديـد ، اعتقده النـّاس”ربيعـًا” فـاتحـًا الأزْهــار و مُلطِّفـا للأقــدار، و هكذا أقبل النـّاس على اقتــراف “جُنَــح” المشاركة في المظاهرات و المشاركة في المسيرات، لينتهي الأمر بالجميع أمام دستور جديد يقتفي مسالك العهد الجديد، و رئيسِ حكومة فريد، يُبشرُ بخطواتٍ لها صلابة الفولاذ و الحديد.
مـَرّت السَنوات بعْــدَ ذلـك مُتبـاطئة كَسولة، و عاد النّـاس إلى سُبـاتهم و بيـاتهم، فقـد أقْنَعَتْ أمْزِجَتَهُم فصولُ الدستور و راحوا واثقين بنيَّةِ رئيس الحكومة “المأمور”، قبل أن يستفيق المغربيون على واقعة الفيضان، و ما تبعها من تقاعس و خذلان، و هوت قناطر حديثة البُنيان، و صمدت أُخرى شيَّدَها الفرنسيس و الإسبان و كَتَبوا لها مقاومة غول الأزمان.
بَعْدَها، لم يكد المَغاربة يستعيدون غَفوتهم “المسروقة”، حتى انتــبهوا أن بلدهم قد أصبح على أبواب تسجيل رقم قياسي في صناعة “الكراطات” و أجناس العالم تستمتع بــإبداعات حُكومتهم ” البـارعـة ” وهي عـاملة على تجفيف المستنقعـات و إفــراغ البُحَيْــرات.
بعد هذا، يبدو أن المغاربة، الذين احتفلوا، حديثا، بالسنة الميلادية، قد اختلط لديهم الـحابل بالنّـابـل ، و لـم يَعُـد أحد منهم يـأبـه لمـا يحْدُث مـن “فســاد”،بل إنهم صاروا يستدلــون بحِكَم الفقيه بنكيران “للعفو عما سلف“، و هكذا ضاعت من خزينة “الشعب” ملايين الدراهم دون أت يعرف الشعب العزيز لها مُستقرَّا.
الواضح أنّ المغـربَ، حُكومـةً و شعبًــا، قد بلغَ مَرحلة من الفسادِ ” الـقانـونـي” التــي تمنعهُ من تسخير القانون لمُحـاربـةِ الفسادِ ،أي بصريح العِبارة، أن المغرب قد دخلَ بالفعْل مـرحلــة التّطْبيــع الكامل و الشامل مع مُعْطَــى “الفَساد”، بل إن هذا الأخير أصبـحَ بالفعْـل اللاّعب الأوفـر حظًــا في الكسب بهذا المغرب اللبرالي، و هو الأوفر حظا كذلك في النجاة من هذه الخزعبلات المسماة “قوانين”.
لقد أصبَح الفَساد مُعطى أساسيا، بل إنه يكادُ يبلُــغ درجَـة الجوهريــة، في المنظومة السياسية، الاقتصادية و الثقافية أيضا، لهذا البلــد، و نتـائـج هذا الفساد باديــة للعيان، مَلامحها تبْدُو واضحة على بُطــون و أرصِدَة “المعنيين” به ، و لا يهُم بعد ذلك إن كانت قد صرفت في أداء فــُروض الحج و العُمرات أو ذهبت لنـــوادل البارات و الحانـات ، إنّهــا حقًــا “حـالة تطبيــع”