الوطن على شفا …
جريدة طنجة – حمزة الحسّاني بنطنيش :
الثلاثاء 06 يناير 2015 – 17:22:48
الأخير لا يحتاج إلى أبناء، بقَدْر ما يَحْتاج إلى إخْـلاصٍ و وفــَاء، تَشوُق إلى من يُحاربونَ الفَساد، ويَدْعَمُون الإصلاح الحقيقي، بعبارة أخرى الوطن في حَاجة إلى مُواطِن !
نحن اليوم كإخــوة فيما بيننـا، شُرَكاء في الوطن، أبـونا و مهدنا وموطن سكينتنا، نحتاج إلى بُنـاة لا إلى من يَهدمـون، فقد عــانينا ما عانيناه لسنين طويلة، وفصول مريرة، ولكن هل يوجد عذاب في الجنة ؟
قرأنا في كتب الرحمان رب العالمين، ودلائل الصالحين، أن الأرض وما بها من نعم ومسخرات، كلها للإنسان كي ينعم، وما ظهر الفساد إلا بما كسبت أيدي الناس، من ظلم وجهل وبهتان …
حين نَسير في قِطع الطريق، وفي الامتثال لقول الباري (أفلم يسيروا في الأرض فينظروا، بين أحضان المملكة الشريفة،) نجدها قد ملئت خيرات حِسان، وجنات و انهار، وتسكن بين بحر و مُحيط، سل جبال الريف، وسُهــول الغرب، وأراضي الصحراء، وكـل الـوطن ؛ ستُدرك أنك في أرض تحسد عليها أيها المُواطن الشّريف.
ظـل المـغربُ سنين عديدة مَحَل أطْماع الطامعين، و ثَمْرَة يجشع الكل لقَطْفها، إذ المملكة كلها شر، عز، خير، بركــات، من البـوغــاز إلى الصحراء.
سرعان ما تهـَافت الاستعمار على أراضي المملكة، بــأسلحته ومَسامه، التي لم يستقبلها أجـدادنا بالتّـمر والحليب، بينما حَملوا بيد مصحفًا، و ــبأخرى بندقية، دِفاعًــا عن أبينا الوطن، و حماية لخيراته حتَّى تُحَقق الاستقـــلال بحمد الله ونصر منه، وجاءت الإصلاحات المتواترة تشريعا من الراحل محمد الخامس نور الله ضريحه، بتعبيره الشهير عنه: الجهاد الأكبر، حتى استلم الرسالة بعده خلفه الحسن الثاني قدس الله سره، إلى أن آل الأمر إلى جلالة الملك محمد السادس، وما زال يحمي رقعة الوطن من الفساد والمفسدين.
المشكل الذي نعانيه اليوم هو أن الوطن به فسدة أكثر من الإصلاحيين، ممن يغارون حقا على الوطن، إذ الأغلبية الساحقة ترى في الوطن بقرا لا بد من استغلال دره، وتحرص على الأخذ أكثر من العطاء، وهذا يتنافى مع دروس الوطنية جملة وتفصيلا.
لنطرح مثلا بسيطا نقف من خلاله على بعض أنواع الفساد التي تهددنا، فمثلا استعمال سيارات الدولة (الشعب) أيام العطل على مرأى ومسمع الجميع، دون حياء أو خجل، لا من الله ولا من القانون، لكون عقيدة: (المال العام مقدس) لم تؤمن بها قلوب أولئك بعد. صور الفساد كثيرة، لكن مصيبة تنسي أخرى، ففي هذه السنة وحدها، شهدنا الفيضانات وما خلفت نتيجة فساد قناطر الأربعة أشهر وما شابهها، وفضيحة ملعب مولاي عبد الله بالرباط ووو … الخ
أدنى ما يقوم به الفرد إن لم يستطع نفع، نصرة، حماية الوطن، أن لا يخذل، ولا يؤذي، ولا يقذف، ولا يقول من لم يقل، ولا يهم بمن لهم غيرة على الوطن، كأقل ما يمكن، ولا يوجد بالوطن ثالث لمواطن أو خائن، فانظر من تكون.
كل غيور، وكل مصلح، وكل محب للوطن، لن يجد أرضا مفروشة بمسك وزهر، بل لا بد من عقبات، وقذف، وتقول … حتى يؤدي ثمن الإصلاح، إذ كل ربح عليه ضريبة كقانون كوني.
فأول الأمر يستحسن أمره في صور تريقهم، ويحاولون احتضانه بذلك، واقتطاف تحركاتهم، واستغلال قواهم، فيما يرضي ويخدم شأنهم، وجعلهم أبواقا لأصواتهم وءارائهم، لكن سرعان ما يتحولون عكس ذلك لعدم نجاح الحل الأول، إذ يتم الانتقال إلى المرتبة الموالية الغنية بالتشهير والقذف والاتهام والتقويل من انه مدفوع وأمره مسيس بهتانا وزورا …
لحَدِ السّاعَة ما زلْنا نَجدُ نِساء مغربيات ينجبن أطفالهن على أرصفة الطرقات، وهوامش الأرصفة أمام العيان بعد أن ترفضهم المصحات، وما زال التلاميذ والطلبة يعيشون في حالة لا يحسدهم أحد عليها، وكم من التلاميذ والطلبة من حرموا التعلم وهم دون 15 سنة بربيعين، لأسباب لا تعلم، بينما القانون المغربي ينص على إلزامية التعليم دون سن العمل، فكيف نجمع بين النقيضين ؟ ! مدرستين مختلفتين أبتا استقبال تلميذ بفحص أنجرة وهو دون 15 سنة !
إذا ضاع تعليم وصحة وعدل أمة، فقُل سلام.
صراحة المؤسسات الوطنية، تعيش خلَلا في هوامش عدة، والإنسان البسيط أو المتوسط دائما هو الضحية، لا يؤبه له ولا لأحواله، وكل الطغاة يرددون بحالهم: أنا ومن بعدي الطوفان !
لن تحترمنا شعوب الأرض، ولن يحترمنا خصومنا، ولن يسجل التاريخ لنا ملحمة، إلا يوم نعترف بأنفسنا، ونحترم بعضنا، يوم نعلم الجاهل، ونطعم الجائع، ونحمي الضعيف قر البرد، ونؤمن حقا أن الناس سواسية كأسنان المشط.
لا أمل في من يهمشون عالما ساهم في إخراجهم من الظلمات إلى النور ليدفنوا معه شخصه في قبره، ويعلو من شأن آخر، لم يقدم لهم شيئا، فهل يستحق المرحوم المهدي المنجرة أن يدفن بكل ما قدم في قبر ويخول لقب السنة لغيره ممن دونه بملايين السنوات الضوئية ؟ ولكن الأمل كل الأمل في رجال بوزن والي طنجة الحالي السيد محمد اليعقوبي، نموذج المواطن المثالي.
لست بالمتشائم، ولكن أنا الغيور !