إعلام المواطن بما لتصميم التهيئة من فوائد
1-ما هي تصاميم التهيئة ؟
إن تَصْميم التّهْيئة يَخضَـعُ لقـانـون رقم 12.90 المُتعلق بالتّعْـميـر ، وهُو تَصْميم يُغَطّـي الجَماعات الحضرية و المَـراكـز المُحَدّدة وضَواحي المُـدن، و المنـاطـق ذات الصِبْغَة الخاصة ويهدف تصْميم التهيئة إلى تنظيم المجال، وتحديد ضَوابط وشروط وأوجه استعمالاته . فهو – على سبيل المثال – يحدد المناطق التي يحظر فيها البناء لأسباب موضوعية : كالمناطق المعرضة للفيضانات، ومناطق انجراف التربة، وممرات خطوط الكهرباء ذات التيار العالي أو المتوسط إلى غير ذلك من دواعي منع البناء، حماية لسلامة وصحة المواطن.
كما يُحَدّدُ تَصْميم التّهْيئة حدود المساحات الخضراء، والمناطق المُشجّرَة، و مَيــادين الألْعــاب، و الساحات العمومية ، والمــواقع المُخَصّصَة لتَجْهيزات السكك الحديدية وتوابعها، والتجهيزات الصحية، والثقافية والتعليمية والمباني الإدارية والمساجد والمقابر، وكذا الأحياء والآثار والمواقع التاريخية أو الأثرية والمواقع والمناطق الطبيعية ودوائر القطاعات الواجب إعادة هيكلتها أو تجديدها. وهو بالإضافة إلى ذلك يحدث ارتفاقات لمصلحة النظافة والمرور أو لأغراض جمالية أو أمنية للحفاظ على الصحة العامة.
ويتكون تصميم التهيئة من الوثائق التالية :
•وثيقة مُكَوّنَة من رُسوم بيانية
•نظام يحدد ضوابط استعمال الأراضي والارتفاقات والالتزامات المفروضة لتحقيق تهيئة منتظمة ومتناسقة وقواعد البناء المتعلقة بالمنطقة المعنية .
وهكذا يتبين أنه من أرادَ أن يطلع على تصميم التهيئة فعليه أن يدرس هذه الوثائق وإلا فإنه سيتعذر عليه فهمه واستيعاب مضامينه.
2-كيف تتم دراسة تصاميم التهيئة ؟
تعتمد دراسات تصاميم التهيئة على التحليل والتشخيص الإستشرافي للميادين التالية :
• الميدان الديموغرافي : وذلك عن طريق تحليل المؤشرات الديموغرافية التي تحدد أهم المعطيات المتعلقة بالساكنة الحالية، والمنتظرة على مدى العشر سنوات القادمة .
• الميدان الاجتماعي والاقتصادي : ويتعلق الأمر بتحليل المعطيات الاجتماعية والاقتصادية قصد استنتاج صورة موضوعية عن الدينامية الاجتماعية والاقتصادية للمدينة، واستشراف التوجهات المستقبلية المحتملة ورسم صورة مفترضة لما ستكون عليه التهيئة العمرانية انسجامًا مع التنمية الاقتصادية المنتظرة ومع التوجهات الكبرى لمخطط توجيه التهيئة العمرانية ، ومخططات التنمية الجماعية وغيرها من المخططات القطاعية المحلية والوطنية.
• ميدان السكن : انطلاقا من المعطيات والمؤشرات الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية يتم تقييم الحاجيات من السكن كما وكيفا ، وتترجم هذه الحاجيات إلى مساحات وأنماط وتوزيع مجالي في تناغم مع طبيعة الموقع ووظائفه .
• ميدان التجهيزات العمومية : ويتعلق الأمر بتقييم الحاجيات من التجهيزات العمومية بمختلف أنواعها ، تأسيسا على المعطيات الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية والسكنية ، فتحدد المساحات والوحدات لمختلف التجهيزات العمومية، منها الإدارية والتعليمية والصحية والرياضية والثقافية والاجتماعية، والتجارية …الخ… وتعتبر هذه التجهيزات مكسبا هامًا لعموم المواطنين .
• ميدان الطرق العامة : تخطط الطرق العامة انطلاقا مما هو موجود، واعتمادًا على الحاجيات المستنتجة من التشخيص في ميدان النقل والسير والجولان، وانسجامًا مع تخصيص وظائف مختلف المناطق الحضرية.
وتعتبر الشبكة الطرقية المنسجمة والمنفتحة على المستقبل أهم مكسب للمدينة، إذ تشكل شرايينها وعصب الحياة داخل هيكلها.
• الميدان البيئي : ويعني هذا الجانب من الدراسة بجميع المعطيات المتعلقة بالبيئة فيعمل التصميم على صيانتها وتقوية العناصر التي من شأنها تقوية التوازنات البيئية وتحصينها.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الترسانة القانونية والتنظيمية في ميدان البيئة قد تعززت خلال السنوات الأخيرة بكيفية معتبرة، انطلاقا من الميثاق الوطني للبيئة.
• ميدان المحافظة على السلامة العامة : ويتعلق الأمر بكل ما من شأنه أن يساهم في صيانة السلامة العامة، ومن بينها متطلبات الوقاية المدنية سواء من الناحية الوقائية أو من ناحية التدخل المباشر قصد الإنقاذ ودرء المخاطر. وجدير بالذكر أن نصوصاً جديدة قد صدرت في هذا الباب سنة 2014، يبادر تصميم التهيئة إلى استيعابها وإدخالها ضمن مقتضيات ضابطته سواء على مستوى تجهيز التجزئات أو على مستوى البناء.
وهكذا، وتأسيسا على كل هذه الدراسات وغيرها، يتم وضع صيغ للتهيئة يخضع للمشاورات والنقاشات المستفيضة مع المسؤولين، ينبثق عنها اختيار موضوعي للتهيئة ، مطابق لما هو مسطر بالقوانين الجاري بها العمل .
3-ما هي مساطر المصادقة على تصميم التهيئة ؟
بمجرد أن تقتنع الجهات المختصة بوجاهة الاختيارات الأساسية للتهيئة، تبدأ مسطرة المصادقة على تصميم التهيئة بعرضه على اللجنة التقنية المحلية التي يرأسها السيد العامل أو السيد الوالي شخصيا ،كما هو مذكور بالنصوص الجاري بها العمل، وتتكون اللجنة التقنية المحلية إضافة إلى رئيسها من كافة رؤساء الجماعات المحلية المعنية، ورؤساء المصالح الخارجية لجميع القطاعات الحكومية، والمؤسسات العمومية وكل من يقرر رئيس اللجنة الاستعانة برأيه وخبرته.
ينتج عن أشغال هذه اللجنة تقرير رسمي يتضمن الملاحظات والتغييرات التي يتعين إدخالها على مشروع تصميم التهيئة.
وبعد إدخال التغييرات المنصوص عليها، يعرض مشروع تصميم التهيئة على الجماعات المحلية المعنية وكذلك على عموم المواطنين، في إطار ما يعرف بالبحث العمومي من أجل المنافع والمضار، حيث يتمكن كافة المواطنين من تسجيل ملاحظاتهم وتعرضاتهم ومقترحاتهم، إضافة إلى المداولات التي تمارسها الجماعات المحلية بشأن مشروع تصميم التهيئة، حيث تقوم بتحرير محاضر رسمية تضمنها مقترحاتها.
وترفع هذا التقارير مع سجل تعرضات وملتمسات المواطنين إلى لجنة مركزية قصد دراساتها والبحث في مآلها، بعد ذلك يتم إدخال التغييرات النهائية على التصميم ثم تتم المصادقة عليه بموجب مرسوم يوقعه السيد رئيس الحكومة باقتراح من السيد الوزير المكلف بالتعمير، ويصدر المرسوم بالجريدة الرسمية.
4- ما هي الآثار المترتبة عن تصميم التهيئة ؟
يعتبر النص القاضي بالموافقة على تصميم التهيئة بمثابة إعلان بأن المنفعة العامة تستوجب القيام بالعمليات اللازمة لإنجاز التجهيزات العمومية والطرق العامة والمساحات الخضراء ومواقف السيارات ومناطق إعادة الهيكلة أو التجديد. كما أن جميع مشاريع التجزئات أو المجموعات السكنية أو البناءات المحدثة بعد المصادقة على تصميم التهيئة يجب أن تخضع لمقتضياته.
و ينص القانون على أن الجماعات المحلية تتخذ جميع التدابير اللازمة من أجل تنفيذ تصميم التهيئة.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن المشرع ضمن جميع حقوق المواطن في التعويض بالنسبة للأراضي الواقعة تحت طائلة الإعلان بالمنفعة العامة. كما أن نفس القانون ينص على ضرورة تقاسم استفادة الملاكين العقاريين مع الدولة.
وهكذا يتبين أن القوانين الجاري بها العمل، تَحْمِي المُواطنَ، كما تضمن حُقوقهُ وتحَدّدُ واجبـاتـهِ.
فعليه الاعتماد على المرجعية القانونية، واللّجـُوء إلى حُجّـة القـانـــون، فهو الضمانة الحقة، والملاذ الآمن، والحل المستدام.