تصميم التّهيئة الجديد لمدينة طنجة الكبرى “طنجة الضّيعة”
صَيْحَة أخرى يصدُرها مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة،بخصوص مشروع التهيئة الجديد لطنجة، فعلى إثر الاجتماع الذي عقده المرصد يوم الجمعة 20 دجنبر الجاري، صدر بيان هام جدا، أكد فيه المرصد ضرورة انسجام هذا التصميم الجديد و التوجهات الملكية بجعل مدينة طنجة نموذجا وطنيا للنمو المندمج، الذي تحترم فيها مبادئ التنمية المستدامة القائمة على العدل و المساواة، و الحق في استغلال المجال العام و الولوج إليه بشكل متكافئ وسليم ، و محاربة جميع أشكال التفاوت المجالي بين مختلف أحياء المدينة، و كذا الحفاظ على النظم الإيكولوجية و حماية البيئة، بالإضافة إلى تأهيل و حماية الموروث الأثري للمدينة.
وفي هذا الإطار، يشدد المرصد على استمرار انخراطه في الدفاع عن المحاور الأساسية التي انكب عليها منذ انطلاق “تنسيقية حماية البيئة والمناطق الخضراء ..السلوقية أولا” و التي لها علاقة مباشرة بالتصميم الجاري إقراره و على رأسها:
ــ الحفاظ على ما تبقى من المساحات الغابوية بالمدينة، و إدراجها كمواقع طبيعية ذات أهمية ايكولوجية، و على رأسها غابات الراهراه و أحمار و البرانص القديمة و مديونة و الجبيلة و الغابة الدبلوماسية و غابة نوينويش وغابة منطقة السانية و الغندوري والمريسات. مع التنصيص على السلوقية كمحمية طبيعية يجب تصنيفها ضمن قانون المواقع المحمية بالمغرب واعتبار أي مقترح من شأنه المس بالمجالات الغابوية السالف ذكرها، تحت أي ذريعة كانت، خطا أحمرا، لا يمكن القبول به.
ــ الحفاظ على طبيعة أرض نادي الفروسية كرئة خضراء و متنفس لساكنة الأحياء المجاورة، والتنصيص عليه كمحمية طبيعية.
ــ الحفاظ، عموما، على جميع المناطق الخضراء وتوسيع مجالاتها بين كافة الأحياء و العمل على تدارك العجز في المناطق الخضراء و الذي يقدره المرصد في 600 هكتار حاليا و 800 هكتارا بعد 10 سنوات.
ــ التنصيص والتصريح والالتزام الواضح بتحويل موثع المطرح العمومي الحالي بمغوغة كاملا إلى منطقة خضراء وفق إحداثيات مضبوطة، لجبر ضرر الساكنة المتضررة بيئيا وصحيا وتعويضهم عن سنوات التلوث السابقة، و ذلك تنفيذا للقوانين المرجعية ذات الصلة خصوصا قانون 28.00.
ــ التنصيص على الفضاء الممتد بين ” موقع فيلا هاريس” و “قصبة غيلان ” كفضاء تاريخي طبيعي مندمج، والحفاظ على محيطه الأخضر الغني بأنواع متميزة من الأشجار والنباتات.
ــ حماية مجاري الأودية و مصبات الأنهار الطبيعية و البحيرات والمناطق الرطبة من الردم و البناء العشوائي و الترامي الممنهج على جنباتها، و العمل على تثمينها باعتبارها موروثا طبيعيا للمدينة.
1. تدقيق و تشديد القيود التعميرية بخصوص النطاقات ذات الأهمية التاريخية و ضمان حمايتها و تأهيلها بالترميم والتجديد. مع التنطيق و التصنيف المناسب لمحيط هذه المواقع، كفيلا هاريس و مبنى مانوبوليو و قصبة غيلان و قصر بيير ديكاريس و مدينة كوطا “المحاصرة” و أسوار المدينة القديمة و قصر الباشا الريفي و ضريح ابن بطوطة و مسرح سرفانيس وساحة الثيران و دور السينما التاريخية و المباني المصنفة خارج أسوار المدينة القديمة بمختلف المحاور التاريخية بالمدينة.
ــ الحد من الطابع التجاري العشوائي لموقع مغارة هرقل و العمل على تصنيفه كتراث تاريخي عالمي.
ــ نقل الأنشطة الصناعية و المزعجة خارج النطاقات المأهولة، وتجميعها في مركبات ومجمعات مناسبة ذات بنية تحتية تضمن حماية البيئة و تراعي مقتضيات التنمية المستدامة.
إن مرصد حماية البيئة و المآثر التاريخية بطنجة و هو يستحضر الماضي التعميري الأليم، الذي كانت فيه المدينة مجالا للخرق و التدبير الاستثنائي، و إرضاء خواطر اللـوبيـات النـافـذة ، و التـَرامي على المُلك العام و المَجال الأخضر، و تكريس التفاوت المجالي و تحويل أحياء بكاملها إلى تكدسات اسمنتية بشعة، يعتبر أن لحظة إعداد و إخراج تصميم التهيئة هي لحظة مفصلية في سياسة تدبير المجال، تستوجب تضافر جهود الجميع. و أن لا يظل نقاشها حبيس مكاتب معزولة و مواقع منفصلة، بل على المجتمع المدني و الساكان تحمل كامل المسؤولية في الدفاع عن مستقبل المدينة، وعن حق سكانها في مدينة تضمن لهم الحد الأدنى من جودة العيش، و التصدي للوبيات الربح السريع و وحوش العقار، التي يسيل لعابها للتحكم المسبق في مخرجات التصميم و التأثير في صيغته النهائية بما يخدم مصالحهم الضيقة، و ضدا على مصلحة المدينة العليا.
وفي هذا السياق يدعو المرصد جميع فعاليات و هيئات المجتمع المدني و عموم المهتمين بالبيئة و التاريخ و مستقبل المدينة إلى المتابعة الإيجابية و التفاعلية لهذا المشروع، في مختلف أطواره، و إلى إبداء أرائهم و تنسيق جهودهم لإخراج تصميم تهيئة في مستوى طموحات “طنجة الكبرى”، التي أصبحت اليوم محط متابعة على المستوى الوطني و الدولي. كما يجدد المرصد دعوته لعموم المسؤولين والمنتخبين بعدم الإستجابة لضغوطات مختلف اللوبيات التي كانت أصلا سببا مباشرا في مشاكل المدينة، بل يستحثهم على العمل من أجل تصحيح ما هو قائم، و العمل على تلبية طموحات سكان هذه المدينة ا الذين تعدّوا المليون..
و يؤكد المرصد في الختام، اعتزامه مواكبة المشروع، عبر محطات متتابعة و حسب منهجية تشاركية، و ذلك مساهمة في تنوير الـرأي الـعام و ضمان تتبع و مُواكَبة جَميعـ فعـاليات المجتمع المدني بـالمدينة لهذا المشروع الهام .
كما يؤكّـد المـرصد وقـوفـه بقُوّة و ايجـابية مع مختلفِ الفاعلين السياسيين و النّقابيين و الجَمْعويين و الحقوقيين و الإعلاميين و عُموم المواطنين في أفق اخراج تصميم تهيئة في المستوى المطلوب، تصميم يقطع مع منطق تدبيري فوضوي، منطق “طنجة الضيعة“، وينتقل بالمدينة إلى منطق ” طنجة الكبرى“