هذا ما قيل عني !! …..
جريدة طنجة – آية الحسّاني
الأربعاء 24 ديسمبر 2014 – 14:11:55
عُدت كَعـادتي من الجامعة بكل فخر و إعتزاز حاملة كتبي و لوازمي الدراسية . فجأة هاجمني كلب مفترس .. هجم على هيكلي الضعيف البريئ كَهْجَمةِ إسْتِعمارية عَنيفَـة .. لَـفَّ ذِراعي ، شَل حَركتي وقَيّـدني بـأغـلال الخَوفِ ، الهَرَع ، الفَزَعِ ، الرعب ، الغربة ، الوحشة ، السخط …. لم أفهم أي شيء فقط كنت أنا المصدومة ؛ أما الباقي فكان يتصرف بألفة كأن شيئا لم يكن .
يتفَــرّج الجميع فـي كما يُشاهِدونَ فيلم خـيـال علْمي أمريكي الجودة .. حتى خُيلَ لِي أنّنـي أمثـّل ذلك الدَور بصِدْق ، وخُيّل لي انني مَثلته بمَهارةِ و بجدارةٍ .. أيُعْقــل أننا في بلاد الاسلام !!؟ و أننا دائما ما نُردّد : ” من راى مُنكًرا فـليُغيّـرهُ ” .. وقـــوله صلى الله عليه وسلم : ” المسلمون كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ” … و أن ” المسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ” .. وقال أيضا : ” لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يحقره، ولا يخذله، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه ” … أحاديث جوفاء لا حيز لها للوجود في مجتمعنا الفاسد هذا .. أحرف على ورق نتناولها في خطب الجمعة وفي الندوات الدينية فقط .. تبا لدونية هذا المجتمع .. أين هي الرجولة الحقة التي عرف بها العرب طويلا ؟ أطحتم بعروبتكم فتبا لكم !! … أصبحتم مجتمعا ذكوريا لا غير – مع احترامي للرجال الأخيار، الرجال الذين تدمى قلوبهم في صمت – .. متى ستتغيرون ؟ متى سيصحى ضميركم الغارق في سبات عميق ؟ ألن تلومكم أنفسكم في يوم ما؟؟ … أما بخصوص من حضر مسرح الجريمة ألم تقل في قرارة نفسك أن أختك أو بنتك أو زوجتك أو أغلى كل ما سبق ” أمك ” ستكون في ذلك المقام الذي لا يحسد عليه !! .. ألم تقل أن هذه الضعيفة المسكينة المغتربة البريئة الهزيلة لا حيلة لها للمقاومة غير الانصياع لوحشيته ؟ .. لكن حقيقة أشكر ذلك الوحش البشري الذي تمرد على إنسانيته وهاجمني !! فبفضله تعرفت على أصدقائي وأعدائي بفضله إكتشفت من معي ومن ضدي .. كما تعرفت على قرائي الأوفياء!! ففي حضرة هذا الحدث الأليم ، كتبوا عليَّّ مقالا ادمع عيناي ، و اقشعر بدني حين قرأته لاول وهلة .. لذلك احببت أن أشارككم إياه ، فألف شكر لهم فردا فردا !! وقد جاء على ألسنهم الطاهرة كالتالي :
تكررت زياراتي بلا فائدة ، فتارة أتجسس على حسابها فيسبوك ، و تارة ثانية أتتبع أخبارها على واتساب عساني أجد مقالا من مقــالاتها التي ما عدت أأنس إلا بوجودها ، ليس لقِلّة الكُتّــاب ولا لفقر الكُتب .. بل لأن الكاتبة آية من آيات الكتابة لا تنطق عن الهوى لكن تغريداتها وحي من الفؤاد ، وعندما انهار أملي وباءت جهودي بالفشل اتجهت لبائع الجرائد بحثا عن أسبوعية طنجة وبالفعل بلغت مأربي واقتنيتها وفي قلبي بهجة لا أستطيع وصفها ، ثم اتجهت صوب مقهى العلوم لأحتسي قهوتي كالعادة ، وبدأت دون مقدمات أتصفح الأسبوعية وأفحص محتواها صفحة بصفحة وعنوانا بعنوان ، والصدمة أن إسم ” آية الحساني ” لا وجود له ، نقبت وفتشت مرارا لكن النتيجة ذاتها ، ومكان مقال آية لا تحتويه غير الاعلانات ، فحزنت لمهلة ثم تداركت حزني وقلت مداعبا أحرف لغتي ، قلت : لطالما تفاعلت جوارحنا بكتابات هذه الصغيرة ، طالما جلسنا بين مقالاتها في رباط وطالما وقعنا في هوى تلك المقالات ، أليس واجبا أن نرسل لها كلماتنا الفقيرة إلى قفص حريتها ، كلماتي التي أبيت إلا أن تكون لها تتويجا على ما كانت ترسمه من بسمة على شفاه الناس وهي تتمزق ، تتويجا لها على غرابة شخصيتها التي تصيب الباحث بالحيرة والغباء …
كنت سأكتب “آية ” وأضع نقطة نهاية ، فهذا الاسم يخففي رواية قد اعجز عن وصفها بعناية ، لكني عزمت أن أحاول حتى تصل لرواية آية نهاية ..
آية الحساني عجوز في مقتبل العمر، تعودنا أن نتصفح أسطرها المؤلمة وهي تصنع من خشب دمعاتها أجمل الزخرفات .. زخرفات تبكي الأقلام وتنزع قبعتها وتنام وهي مطمئنة على واقع الكتابة ، هذه هي آية الكتابة … آية الحزن ، آية الصدفة كأنها مزحة عابرة حكاها أحدهم فصدقناه ثم قال إني أمزح ، أو كأنها وحي من الله رفعه غضبا وغصبا عنا ، هذه هي موضوع الكتابة لهذا اليوم من طردت بعصا أحزانها دمعاتنا ، من أحيت بواعث وخواطر الأخوة والصداقة .. آية هي الآن في قفص حريتها بعثت رسالة في آخر مقال تقول فيه : ” وإن اعدوا لي قصرا سيظل في نظري قفصا ” ، تأملت هذه العبارة مليا وقلت في نفسي مخاطبا هذه البريئة : ” ان يظل قفصا خيرا من أن يبقى قبرا ” ، لكنها تفضل العودة إلى واقعها المشوبك كما جاء على لسانها ، واقع يخدش رجولة الرجال ويهتك بكارة البكر (مجاز فقط ) ، واقع يبخر دمعات فرح الآية فتحل مكانها دمعات أسى ، ألم ، حرقة ، ندم …
واقع تبكي على إثره الشيم والنخوة ، عندما تتعرض صبية في أوج فتوتها لاعتداء سرقة ، إعتداء ترك آيتنا مرمية في أحضان الفزع والخوف والهرع ، عندما تتعرض أختي الصغرى للاعتداء في شارع عمومي وأعين الخونة يتابعون المشهد والكل انا ثم انا ثم انا … كأني بالرجولة صارت مجرد حديث لسان وأمست تختصر في الزواج والإنجاب ومغازلة الفتيات والتأفف في حضرة أولياء الأمور ، صارت الرجولة فخ أو وكر تغتصب باسمه الإنسانية ، وها أنا ذا عابر جائع أتلقف الكلمات من هنا وهناك عساني ابلغ مأربي واشبع نزواتي الفكرية ، لكني أرى نفسي عاجزا عن ذلك فوجبتي الرئيسية صارت من حكايات الماضي ، وجبتي التي كنت أرابط على بابها من سبت إلى سبت ، كالجائع يترقب لقمة تسد رمقه ، وها هي هذه اللقمة تعذرت وتركتنا جميعا أيتام لغة .. أيتام كتابة .. أيتام أخوة …
لكن رغم قفصك اختي الصغيرة يقيننا انك المقتحمة .. رغم جروحك يقيننا انك الصابرة .. ورغم خوفك وصدمتك يقيننا أنك المؤمنة ، فهلمي إلى الحرية وهلمي إلى فضاء الحرية فقد استشهد المجاهدون فداء الحرية ، و انتحر الشعراء رفضا للخضوع والانصياع وعاش الثائرون في المنفى تحديا للركوع والضياع ، فيا أيتها اللؤلؤة لا تلوميني ولا تمدحيني على قولي فما لي على القلم سلطان وسيبقى قلب قلبي يدعوا لك بالرشد ما دام قلبي خدشته طعنات من هنا وهناك ، وختاما ليتنا ننتبه لرسائل الله كي نكون بخير وكي يكونوا بخير وكي تكوني بخير .
كانت هذه لمعاينة قلم غائب عنا إلتمست تعويض روائعه بخربشتي دفاعا على ذمة الإبداع ريثما تعود آية الكتابة خيرا مما كانت لتراسلنا من فضاء الحرية بدل قفص الحرية .
هذا ما قيل عني ! كتبوه بضمير” انا ” المتكلم ، حاملا صدى ” نحن ” الاصدقاء ..
شكرا لكم ايها الرفاق