مسلسل “الزيادات” التي لا تنتهي !! جيوب المواطنين ليست الحل الوحيد لتقويم الاختلالات المالية
بينما يُواصلُ حبيبنا بنْ كيران “تغريداتهِ” بخُصوص مسلسل الزيادات التي لا تنقطع والتي يُخشى أن تقطع أرواحنا مع تواليها وتواترها وتنوعها ، هاهي “البوطة” تُهدد بدورها، بالنزول إلى ساحة المعركة .ا..
فقد توعّدَ رئيس الحُكومة التي جادَ به “الربيع العربي” الذي “مغربه” حِزب بنكيران قبل أن يصل إلى سُدّةِ الحُكم، تَوعدنـا ، الأربعاء الماضي خلال جلسة مُكاشفة، بالغـُرفة الثانية، برفـعِ دعـم “المقصة” عن مواد استهلاكية جديدة ومنها غاز البوتان والسُكر ، وهُما من المواد التي تعتمدُها معظَم الأسَر المغربية، خاصة “البوطة” بالنسبة للعالم القَـروي الّتيـ هي وسيلة أساسية للإنــارة و التّـدفئـة .
بنكيران الّـذي يميلُ إلى استعمال لُغـة الأرقــام والنّسب، لاشك لدغْدغَة عَواطفنا، أو لإيهامنا بأنذهُ “حافظ لوحه مزيان” أصرّ على أن يذكّرنا بأن دعم الـدولة (الشعب) لغاز البوطان، يصل إلى 83 درهما للبوطـا الـواحدة، من فئة 12 كلغ. الأمر الذي كلّفَ الصندوق المشؤوم السنة الماضية، ما قدرهُ 13 مليار و700 مليون درهم .
وبالرغم من أن الجلسة البرلمانية كانت مخصصة للاستثمار ولتنافسية المقاولات، فقد خصص رئيس الحكومة حيّزا واسعا من عرضه للقدرة الشرائية لمواطنيه حيث حاول إثارة انتباه المستشارين إلى أن دعم البوطا تستفيد منه جهات أخرى من قبل الفنادق السياحية والمقاولات الفلاحية الكبرى والمطاعم ومحلات صناعة الحلوى والطريطورات، غير تلك التي وُضع من أجلها ولفائدتها ولمساعدتها على مواجهة صروف الدهر وأهواله،
وهذا عين الصواب .ا…
فلمَاذا إذَن ، لا يلعن الشيطان، و يـوزّع مائة درهم، مرتين في الشهر، على كُل أسرة مُحدّدة ومُرقمة ومصنّفة وُمرقنة على لوائح الإحصاء لمندوبية الحليمي ، حتّـى لا يخـرج الـدعم عن دائرة من وُجّــه إليهم الـدّعم أصلاً، و “يخرج من باب واسعة”، كما هي الحال بالنّسبة للأرامل اللائي فقدن الأمل والثقة في المبادرة المعلومة التي وإن وقعها بنكيران، حسب قوله، فإنها تواجَه بتردد بعض الوزراء….
ولكن الوزراء فيهم وفيهم. أولم يصرح الوزير المشاغب محمد الوفا بأن الحكومة مستعدة لتوزيع بوطات الغاز بالمجان على الستة ملايين أسرة مغربية ــ وقد تَـمّ إحصاؤها مُؤخـرًا إحصاء دقيقـا ــ في حين أكد رئيس الحكومة سابقا أن حكومته تتجه نحو رفع سعر البوطا من الحجم الكبير إلى 165 درهما عوض 40 درهما حاليا حيث أكد أن رفع الدعم عن غاز البوتان أصبح أمرا ضروريا لابد منه…..
وحكومة هذه واش من حكومة.ا….
ودون أن يتقدّم الـرّئيس لنُواب الأمة بمعلومات عن “المقاربة” التي يعمل عليها لمنع وصول “الغرباء” إلى امتيازات المقاصة فيما يخص البوتان ، اتضح من عرضه أن الحكومة تفكر جادة في رفع الدعم عن مادة السكر الذي، إن تمكّنّا من ادّخاره ، فسوف نستطيع بناء ثلاثة أو أربعة مستشفيات جامعية في السنة…
وإذن، لعنة الله على السكر، قالبا كان أو سانيدة، وعلى ما يتبعه من شاي صيني نستورده بالملايير، ومن صينية ومن “التواشي” المكلفة، أو ليس السكر من أسباب المرض القاتل الذي يفتك، في صمت، بعشرات الآلاف من المواطنين كل سنة ؟ .ا…
لقد كان الرجل صادقا حين قال إننا “نشرب” ثلاثة مستشفيات في السكر…فكم من مستشفيات، ياترى، سوف نشرب من تخفيض “أتعاب” الوزراء والمنتخبين والوزراء والمديرين الكبار ومن المستفيدين من امتيازات الريع السياسي والاقتصادي ومن تلاعب شركات التدبير المفوض الأجنبية خاصة، ومن التهريب الضريبي ومن تهريب الأموال ومن الفساد المستشري في كل “بولونات” الدولة….ومن ، ومن، ومن،……..
أو لم يظهر في الشاشةِ سوَى السُكر الّذي يعيش عليه مَلايين المغاربة خاصة في القُرى و البـوادي، أولائك الذين يقتاتُون طيلة اليوم على كسْرة خُبز “كارم” وكأس شاي، حين تفيض مـوائدكم لحمًا وسمكًا و”طعاما” و”مشويا” من خيرة أنـواع الغنـم، ومشروبات متعددة الأصناف، و فــواكه متنوعة، وأنواع أخرى مما تشتهــون….زادكم الله خيرا وسعَة .ا.ا.ا….
على أنّ رئيسَ الحكومة أشفقَ عليْنا من صُعوبةِ تنْفيد “إصلاحاتهِ”، بسبَب المُشوّشين الذين يواجههُم كمَا يُواجههم وزراء حكومته “الأنجاد” الذين شبّههم بالجنود المرابطين على الحدود….خاصة و”مقاومو الإصلاح” إنما يُحاولون تغطية “الكوارث” التي سببها تدبيرهم للشأن العام، حين كانوا يشكلون حكومات المغرب السابقة. وحتى يُبرّئ ذمته من “التراكمات السلبية” التي شهدتها البلاد، واجه المستشارين في المعارضة بلغة “المعاتب” داعيا إياهم إلى “قليل من الحياء” بعد أن ذكّرهم بأنه اطلع جيّدا على ملفات ناهبي آلاف الهكتارات من الغابات ومن القبائل ومن الفقراء وبأنه “أطل على الطنجرة وشاف ما فيها”… وما فيها يعلمه عامة الناس وقد كشفت عنه الصحافة الحرة المسؤولة، تلك التي يعتبرها بنكيران “مشوشة”، التي عرّت ما بالطنجرة منذ عشرات السنين ولا من يتحرك، بل إنه تم الزج بالصحافيين في السجن بدل الفاسدين والمنافقين والمحتكرين والمتلاعبين بقدرات الشعب .
كانَ المطلوب من حَبيبنا بنكيران أن يبحث عن “مُقاربات” جديدة ومتجددة لدعم إصلاحاته، بدل أن يلتجئ إلى ما تلتجئ إليه كل الحكومات الفاشلة ،”جيوب المواطنين وقدراتهم الشرائية”، من أجل تقويم ميزانيات بلدانهم السنوية ومعالجة عجزها المالي المتضخم…..
وكان طبيعيا أن تردّ المعارضة، ولكن ردها لم يصل إلى الإقناع بل بدا وكأنه “لعب عيال” حين تمت إثارة “الاختلالات” في التدبير العام خلال الثلاث سنوات من عمر حكومة بنكيران وقضية تراجع ترتيب المغرب في بعض التصنيفات العالمية ، التي كثيرا ما تفتقد إلى النزاهة والمصداقية، حتى بنشماس لم يكن موفقا في مواجهة بنكريران حين أعاد أسطوانة تدهور المغرب في المؤشرات التنافسية وتدهور التعليم والصحة وتفشي الرشوة…..
نحن بحاجة إلى معارضة تحفظ دروسها جيدا وتحسن استعمال مخزونها من المعلومات في خطاب جيّد وذكيّ ومقنع ، بدل الجري وراء الاستفزاز والتحدّي والإثارة والتحريض.